سورة المائدة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١].
وممّا كان الإمامية تنفرد به أنّ النذر لا ينعقد حتى يكون معقودا بشرط متعلّق به ، كأن يقول لله عليّ إن قدم فلان ، أو كان كذا أن أصوم أو أتصدّق ، ولو قال : لله عليّ أن أصوم أو أتصدّق من غير شرط يتعلّق به ، لم ينعقد نذره.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك (١) ، إلّا أنّ أبا بكر الصيرفي وأبا إسحاق المروزي (٢) ذهبا إلى مثل ما تقوله الإمامية.
دليلنا على صحة ذلك الاجماع الذي تردّد ، وأيضا فإنّ معنى النذر في اللغة (٣) يكون متعلّقا بشرط ، ومتى لم يتعلّق بشرط لم يستحق هذا الاسم ، وإذا لم يكن ناذرا إذا لم يشترط لم يلزمه الوفاء ؛ لأنّ الوفاء إنّما يلزم متى ثبت الاسم والمعنى.
فأمّا استدلالهم بقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وبقوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) (٤) ، وبما روي عنه عليهالسلام من قوله : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، فليس بصحيح.
أمّا الآية فانّا لا نسلّم أنّه مع التعرّي من الشرط يكون عقدا ؛ وكذلك لا نسلّم لهم أنّه مع التعرّي من الشرط يكون عهدا ، والآيتان متناولتان ما يستحقّ إسم العقد والعهد فعليهم أن يدلّوا على ذلك ، وأمّا الخبر المروي عن
__________________
(١) المجموع ، ٨ : ٤٥٨.
(٢) نفس المصدر.
(٣) في بعض النسخ «في القرآن».
(٤) سورة النحل ، الآية : ٩١.