الخامسة : من طلّق امرأته تسع تطليقات للعدّة ينكحها بينهن رجلان ثم تعود إليه حرمت عليه أبدا (١).
[الرابعة :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به القول : بأنّ من زنا بعمّته أو خالته حرمت عليه بناتهما على التأبيد ، وأبو حنيفة يوافق في ذلك ويذهب إلى أنّه من زنا بامرأة حرمت عليه امّها وبنتها ، وحرمت المرأة على أبيه وابنه ، وهو أيضا قول الثوري والأوزاعي (٢) ، وخالف باقي الفقهاء كلهم في ذلك ولم يحرموا بالزنا الأم والبنت (٣).
دليلنا كلّ شيء احتججنا به في تحريم المرأة على التأبيد إذا كانت ذات بعل (محرّم) على من زنا. ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) ، ولفظة النكاح تقع على الوطئ والعقد معا ، فكأنّه تعالى قال : لا تعقدوا على من عقد عليه آباؤكم من النساء ولا تطؤا ما وطؤوهنّ وكلّ ما حرّم بالوطئ في الزنا المرأة على الابن حرّم بنتها وامّها عليهما جميعا.
والاحتجاج في هذا الموضع بما يروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «الحرام لا يحرم الحلال» (٤) غير صحيح ؛ لأنّه خبر واحد ، ولأنّه مخصوص باجماع ويحمل على مواضع منها : أنّ الوطئ في الحيض ـ وهو حرام ـ لا يحرم ما هو مباح من المرأة ، ومنها : إذا زنا بامرأة فله أن يتزوّجها ، ومنها : أنّ وطئ الاب لزوجة ابنه التي دخل بها ، أو وطيء الابن لزوجة أبيه ـ وهو حرام ـ لا يحرّم تلك المرأة على زوجها ولا يجعل هذا الحلال ـ ذلك الحلال ـ حراما (٥).
ـ (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧)) [النساء : ٢٦ ، ٢٧].
__________________
(١) الانتصار : ١٠٧ و ١٠٨.
(٢) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٤٨٢.
(٣) المدونة الكبرى ، ٤ : ١٢٧ و ١٢٨.
(٤) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٤٨٢.
(٥) الانتصار : ١٠٨.