سورة آل عمران
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [آل عمران : ٧].
[إن سأل سائل عن هذه الآية] :
الجواب : قلنا : ذكر في هذه الآية وجهان مطابقان للحقّ :
أحدهما : أن يكون الراسخون في العلم معطوف على اسم الله تعالى ؛ فكأنّه قال : وما يعلم تأويله إلّا الله وإلّا الراسخون في العلم ، وإنّهم مع علمهم به «يقولونءامنّا به» ؛ فوقع قوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) في موقع الحال ؛ والمعنى أنّهم يعلمونه قائلين : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وهذا في غاية المدحة لهم ؛ لأنّهم إذا علموا ذلك بقلوبهم ، وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ووصفهم بأداء الواجب عليهم.
والحجّة ـ لمن ذهب إلى ما بيّناه ، والردّ على من استبعد عطفه على الأوّل وتقديره أن يكون قوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) على هذا التأويل لا ابتداء له ـ قوله : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى) ؛ إلى قوله : (شَدِيدُ الْعِقابِ) (١) ؛ فذكر جملة ، ثمّ تلاها بالتفصيل ، وتسمية من يستحقّ هذا الفيء ، فقال : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) ، إلى قوله : (الصَّادِقُونَ) (٢).
__________________
(١) سورة الحشر ، الآية : ٧.
(٢) سورة الحشر ، الآية : ٨.