لأنّه لا قتيل لهما في الإسلام ، ولا جهاد بين يدي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا كانت الأوصاف المراعاة في الآية حاصلة لأمير المؤمنين عليهالسلام وغير حاصلة لمن ادّعيتهم ؛ لأنّها فيهم على ضربين : ضرب معلوم انتفاؤه كالجهاد ، وضرب مختلف فيه كالأوصاف التي هي غير الجهاد ، وعلى من أثبتها لهم الدلالة على حصولها ، ولا بدّ من أن يرجع في ذلك إلى غير ظاهر الآية ، فلا يبقى في يده من الآية دليل (١).
ـ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) [المائدة : ٥٥].
[قال القاضي : دليل لهم آخر ، ربّما تعلقوا بهذه الآية] ويقولون : المراد بالذين آمنوا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام ؛ لأنّه وصفه بصفة لم تثبت إلّا له وهي إيتاء الزكاة في حال الركوع ؛ وربّما ادّعوا في ذلك أخبارا منقولة أنه الذي أريد به ، ويقولون : قد يذكر الواحد بلفظ الجمع تفخيما لشأنه ، ويقولون : المراد بالولي في الآية لا يخلو من وجهين : إمّا أن يراد من له التولي في باب الدّين.
أو يراد نفاذ الأمر وتنفيذ الحكم.
ولا يجوز أن يراد به الأول ؛ لأن ذلك لا يختص الرسول ولا أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لأنّ الواجب تولي كلّ مؤمن (٢) فلا يكون لهذا الاختصاص وجه فلم يبق إلّا أن المراد ما ذكرناه ، ...» (٣).
يقال له : ترتيب الاستدلال بهذه الآية على النصّ هو أنه قد ثبت أن المراد بلفظة (وَلِيُّكُمُ) المذكورة في الآية من كان متحققا بتدبيركم والقيام بأموركم ويجب طاعته عليكم ، وثبت أن المعنى ب (الَّذِينَ آمَنُوا) أمير المؤمنين عليهالسلام. وفي ثبوت هذين الوصفين دلالة على كونه عليهالسلام إماما لنا.
__________________
(١) الشافي في الإمامة وإبطال العامّة ، ٤ : ٣٧.
(٢) في المغني «كلّ قوم» وهو خطأ بيّن.
(٣) المغني ، ٢٠ : ١٣٣.