وهذا صحيح ، وإليه ذهب أصحابنا ... دليلنا على المنع من التحرّي في الآنية التي يتيقّن نجاسة أحدها : قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) ، وإنّما عنى بالوجود القدرة على الماء الطّاهر والتمكّن منه ، ومن لا يعرف الشيء بعينه ولا يميّزه ، فليس يتمكّن منه ولا واجد له ، ولأنّه تعالى لم يذكر التحرّي في الآية ، بل أمر باستعمال الماء عند وجوده ، والتراب عند فقده من غير أمر بالتحرّي ، فمن أوجبه فقد زاد في الظاهر ما لا يقتضيه (١).
ـ (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨].
أنظر غافر : ١٨ من الذخيرة : ٥٠٤.
ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء : ٥٩].
[وفيها أمران : الأوّل : قال القاضي : استدلّ بعضهم بهذه الآية] وذكر أن إيجابه تعالى طاعته لا يكون إلّا وهو منصوص عليه معصوم لا يجوز عليه الخطأ ، وثبوت ذلك يقتضي أنه أمير المؤمنين : لأنّه لا قول بعد ما ذكرناه إلّا ذلك (٢).
ثم شرع في إفساد هذه الطريقة ، والكلام على بطلانها والذي يقوله : «إن هذه الآية لا تدلّ على النصّ على أمير المؤمنين» وما نعرف أحدا من أصحابنا اعتمدها فيه ، وإنّما استدلّ بها ابن الراوندي في كتاب «الإمامة» على أن الأئمة يجب أن يكونوا معصومين ، منصوصا على أعيانهم ، والآية غير دالّة على هذا المعنى أيضا ، والتكثير بما لا تتمّ دلالته (٣) لا معنى له ؛ فإن فيما تثبت به الحجّة مندوحة وكفاية بحمد الله ومنّه ، على أن الآية لو دلّت على وجوب عصمة الأئمّة ، والنصّ عليهم على ما اعتمدها ابن الراوندي فيه ، وحكاه صاحب الكتاب في صدر كلامه ، لم تكن دالّة على وقوع النصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(١) الناصريات : ٨١.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١٤٢.
(٣) في نسخة لا يثمر دلالته.