ـ (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف : ٣١].
[استدلّ بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء.
قال السيّد :] فأمّا الحكاية عن النسوة اللاتي شاهدن يوسف عليهالسلام فأعجبهن حسنه «ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم» فانّه لا يدلّ أيضا على فضل الملائكة على الأنبياء عليهمالسلام من وجهين :
أحدهما : أنّهنّ ما نسبنه إلى الملائكة تفضيلا في ثواب حال الملائكة على حال الأنبياء عليهمالسلام ، ولا خطر ذلك ببالهن ولكن حسنه وكمال خلقته أعجبهن فنفين عنه البشرية التي لم يعهدن فيها مثله ونسبوه إلى أنّه ملك ؛ لأنّ الملك يقال : إنّه إذا تجسّد وتصوّر فإنّه يتصوّر بأحسن الصور.
وأمّا الوجه الاخر : أنّ اعتقاد النسوة ليس بحجّة ؛ لأنّهن قد اعتقدن الباطل والحقّ ، فلو وقع منهن ما يدلّ صريحا على تفضيل الملائكة على الأنبياء لم تكن حجّة (١).
ـ (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف : ٣٣].
[فان قيل : كيف يجوز أن يقول يوسف هذا] ونحن نعلم أنّ سجنهم له معصية ومحنة ، كما أنّ ما دعوه إليه معصية ، ومحبة المعصية عندكم لا تكون إلّا قبيحة. [وهو في القبح يجرى مجرى ما دعى إليه من الزنا] (٢).
الجواب : قلنا : في تأويل هذه الآية جوابان :
أحدهما : أنّه أراد بقوله (أَحَبُّ إِلَيَ) أخفّ علي وأسهل ، ولم يرد المحبة الّتي هي الإرادة على الحقيقة. وهذا يجري مجرى أن يخيّر أحدنا بين الفعلين ينزلان به ويكرههما ويشقّان عليه ، فيقول في الجواب : كذا أحبّ إلي ، وإنّما
__________________
(١) الرسائل ، ١ : ٤٣٤.
(٢) ما بين المعقوفتين من الأمالي ، ١ : ٤٦٢.