عليه ، فأقاموا قولهم : هكذا تقول بلسانك ، وإنّما يقولون كذا بأفواههم مقام ذلك ؛ والمعنى أنّه قول لا تعضده حجّة ولا برهان ، ولا يرجع فيه إلّا إلى اللسان.
ووجه آخر ، وهو أن تكون الفائدة في ذلك التأكيد ، فقد جرت به عادة العرب في كلامها ، وما تقدّم من الوجهين أولى ؛ لأنّ حمل كلامه تعالى على الفائدة أولى من حمله على ما تسقط معه الفائدة (١).
ـ (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [التوبة : ٣٢].
ويوصف تعالى بأنه «يأبى» وبأنه «آب» ، قال الله تعالى : (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) ، والاباء هو المنع وليس بالكراهية ، ولهذا تمدحت العرب به ، فقالوا «فلان يأبى الضيم» إذا امتنع منه ، ولا مدحة في وصفه بكراهية (٢).
[انظر أيضا البقرة : ٢٦ و ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧ ، رسالة إنقاذ البشر من الجبر والقدر].
ـ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣٤].
أنظر محمّد : ٣٦ من الانتصار : ٧٨ والمؤمنون : ٥ ، ٦ من الذريعة ، ١ : ٣٤٥.
ـ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [التوبة : ٣٦].
أنظر البقرة : ٨ من الذخيرة : ٥٣٦.
ـ (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٣٥١.
(٢) الذخيرة : ٥٩٨.