العمل بقوله عليهالسلام : «الأئمّة من قريش» أولى فغلط منه عليه ؛ لأن الرجل لم يدع الضرورة في شيء من كلامه ، ومن استقرأ كلامه في هذا الباب وغيره عرف صحّة ما ذكرناه ، بل قد صرّح بما يدلّ على خلاف الضرورة ؛ لأنّه استدلّ على إيجاب النصّ من الخبر باللغة وما تقتضيه المقدّمة والعطف عليها ، ولو كان قائلا بالضرورة في معرفة المراد لم يحتجّ إلى شيء ممّا ذكره ، على أنه قد قال أيضا عند تقسيم النصّ إلى قسمين «فأمّا النصّ الذي وقع بحضرة العدد الكثير فإنّما كان يوم الغدير وكلّهم كانوا ذاكرين لكلامه عليهالسلام غير أنهم ذهبوا عنه بتأويل فاسد ؛ لأنهم إنما دخلت عليهم الشبهة من حيث توهّموا أنّ لذلك الكلام ضربا من التأويل يجوز معه للرؤساء إذا وقعت الفتنة ، واختلفت الكلمة أن يختاروا إماما» ومعلوم أن هذا كلام من لا يدّعي الاضطرار إلى معرفة المراد بخبر الغدير ؛ لأن الضرورة تنافي دخول التأويلات ، ولو كان القوم عنده مضطرين ما جاز أن يقول : «إنّهم ظنّوا أنّ للكلام ضربا من التأويل عند دخول الشبهة» ولسنا نعلم من أين وقع لصاحب الكتاب ما ظنّه مع بعده ، وهذه جملة كافية ، والمنّة لله تعالى (١).
ـ (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ...) [المائدة : ٨٠].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ ....) [المائدة : ٨٩].
وممّا انفردت به الإمامية أنّ من حلف بالله تعالى أن يفعل قبيحا أو يترك واجبا لم ينعقد يمينه ولم يلزمه كفارة إذا فعل ما حلف أنّه لا يفعله أو لم يفعل ما حلف أنّه يفعله ، ومن عدا الإمامية يوجبون على من ذكرناه الحنث والكفّارة.
دليلنا الاجماع المتردد ، وأيضا ، فإنّ إنعقاد اليمين حكم شرعي بغير شبهة. وقد علمنا بالاجماع إنعقاد اليمين إذا كانت على طاعة أو مباح ، وإذا تعلّقت بمعصية فلا إجماع ولا دليل يوجب العلم على إنعقادها ، فوجب نفي إنعقادها لانتفاء دليل شرعي عليه.
__________________
(١) الشافي في الإمامة لإبطال حجج العامّة ، ٢ : ٢٥٨.