الجواب وبالله التوفيق :
إنّه إذا أحدثه فقد تكلم به ؛ لأن المتكلّم هو فاعل الكلام ، فإذا فعل الكلام فقد تكلم به وقد أحدثه ، والمعنى فيهما واحد.
وأما كلام موسى عليهالسلام من الشجرة ، فالله تعالى كلّمه ، ولذلك قال : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً).
وأما قوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) (١) (٢) فقد قال أيضا : (وَما كانَ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) فمن بعضها [يفسر] (٣) بعض (٤).
ـ (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) [النساء : ١٦٨ ـ ١٦٩].
أنظر الفاتحة من الرسائل ، ٣ : ٢٨٧ ، ٢٩٦.
ـ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) [النساء : ١٧٢].
[إن سأل سائل فقال :] ما جواب من استشهد على أنّ الملائكة أفضل من الأنبياء عليهمالسلام بهذه الآية من حيث أنّ هذا الكلام المقصود به التعظيم والرفعة ، يدلّ على أنّ المذكور أفضل من الأوّل وأشهر في الفضل ، وأنّه لو كان دونه لم يجز استعماله.
ويدلّ على أنّ القائل إذا كان حكيما لا يجوز أن يقول : لن يستنكف الوزير أن يأتيني ولا الحارس ، بل ينبئ عمّن هو أجل وأعلى ، فقال : لن يستنكف الوزير أن يأتيني ولا الملك.
وهذا يوجب كون الملائكة أفضل من المسيح عليهالسلام سيما وليس المراد في قوله : (الْمُقَرَّبُونَ) الأخبار عن قرب المكان ، لاستحالة ذلك عليه سبحانه ، وإنّما المراد قرب المنزلة في الثواب وعظمها ، ووصفهم بذلك يدلّ على التعظيم.
وليس لأحد أن يقول : إنّ ذلك المقال قد يستعمل في المتماثلين في
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية : ٥١.
(٢) في المصدر نقلت الآية إلى قوله تعالى «أو من وراء حجاب» والظاهر زيادته.
(٣) الزيادة منا.
(٤) الرسائل ، ٤ : ٢٧.