قلنا : هذا خبر واحد لا يوجب علما ولا يقتضي قطعا ، وإنّما تثبت الأحكام بما يقتضي العلم ، ولنا من أخبارنا (١) التي نرويها عن أئمتنا عليهمالسلام ما لا يحصى عددا من المعارضة ممّا تضمّن التصريح بسقوط الكفارة.
ويعارض هذا الخبر بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث عمر أنّه قال : وليأت الذي هو خير وكفّارتها تركها (٢) ـ يعني عليهالسلام ترك المعصية ـ لأنّ الكفارة لمّا كانت لازالة الاثم وترك المعصية إذا كان واجبا ، فلا إثم عليه فيه ، فقد قام مقام الكفارة. ونحن نستعمل الخبرين المرويين عنه عليهالسلام فنحمل قوله : «وليكفّر» على الاستحباب والندب ، والمخالف لنا لا يمكنه على مذهبه استعمال الخبر المتضمّن سقوط الكفارة ، وإنّ كفارتها تركها (٣).
ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة : ٩٠].
[قال الناصر رحمهالله :] «الخمر نجسة ، وكذلك كلّ شراب يسكر كثيره».
لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر ، إلّا ما يحكى عن شذّاذ لا اعتبار بقولهم (٤).
والذي يدلّ على نجاستها قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) وقد بيّنّا (٥) أنّ الرجس والرجز بمعنى واحد في الشريعة (٦).
فأما الشراب الذي يسكر كثيره : فكلّ من قال إنّه محرّم الشرب ، ذهب إلى أنّه نجس كالخمر. وإنّما يذهب إلى طهارته من ذهب إلى إباحة شربه (٧).
وقد دلّت الأدلّة الواضحة على تحريم كلّ شراب أسكر كثيره ، فوجب أن يكون نجسا ؛ لأنّه لا خلاف في أنّ نجاسته تابعة لتحريم شربه (٨).
__________________
(١) الكافي ، ٧ : ٤٤٣.
(٢) سنن أبي داود ، ٢ : ١١٦.
(٣) الانتصار : ١٥٦ وراجع أيضا الناصريات : ٣٩٩.
(٤) المجموع ، ٢ : ٥٦٣.
(٥) الناصريات : ٩١ انظر أيضا الانتصار : ١٥.
(٦) يأتي في سورة الأنفال : ١١.
(٧) المغني (لابن قدامة) ، ١٠ : ٣٤١.
(٨) الناصريات : ٩٥.