والصحيح أنّ معنى (مِنْهُ) أي من أجل الشّأن والقصّة «من قرآن» ؛ فيحمل على الشأن والقصّة ليفيد معنى آخر (١).
ـ (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [يونس : ٦٨].
أنظر النحل : ٢٦ من الأمالي ، ١ : ٣٤٠.
ـ (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨].
أمّا قوله تعالى : (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ففيه وجوه :
أوّلها : أنّه أراد لئلّا يضلّوا عن سبيلك ، فحذف «لا» وهذا له نظائر كثيرة في القرآن ، وكلام العرب فمن ذلك قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) (٢) وإنّما أراد «لئلّا تضل» وقوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) (٣) ، وقوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (٤).
وقال الشاعر :
نزلتم منزل الأضياف منّا |
|
فعجّلنا القرى أن تشتمونا (٥) |
والمعنى : أن لا تشتمونا.
فإن قيل : ليس هذا نظيرا لقوله تعالى : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) لأنّكم حذفتم في الآية «ان» و «لا» معا وما استشهدتم به إنّما حذف منه لفظة «لا» فقط.
قلنا : كلّما استشهدنا به فقد حذف فيه اللام ولا معا ، ألا ترى أنّ تقدير الكلام «لئلا تشتمونا»؟. وفي الآية إنّما حذف أيضا حرفان وهما «أن» و «لا» ، وإنّما جعلنا حذف الكلام فيما استشهدنا به بإزاء حذف «أن» في الآية من حيث
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٢٥٨ وأيضا الرسائل ، ٢ : ٧٥.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.
(٤) سورة النحل ، الآية : ١٥.
(٥) البيت لعمرو بن كلثوم التغلبي راجع جمهرة أشعار العرب ١ : ٤٤.