وخروج النفس على الحقيقة ، بل المشقّة الشديدة والكلف الصّعبة ، كما يقال : ضربت فلانا حتى مات وتلفت نفسه ، وخرجت روحه ، وما أشبه ذلك (١).
ـ (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ...) [التوبة : ٦٠].
[فيها مسألتان
الأولى :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به اجازتهم أن يشترى من مال الزكاة المملوك فيعتق ، ويقولون : إنّه متى استفاد المعتق مالا ثم مات فماله لأهل الزكاة ؛ لأنّه اشتري من مالهم ...
دليلنا على صحّة ا ذهبنا إليه إجماع الطائفة ، وقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) إلى قوله تعالى : (وَفِي الرِّقابِ) وهذا نصّ صريح في جواز عتق الرقبة من الزكاة.
فإن قيل المراد بقوله تعالى : (وَفِي الرِّقابِ) المكاتبون ، فانّ الفقهاء كلّهم يجيزون أن يعطى المكاتب من مال الزكاة إلّا مالكا ، فانّا نحمله على المكاتب وعلى من يبتاع فيعتق ؛ لأنّه لا تنافي بين الأمرين ، وظاهر القول يقتضي الكلّ (٢).
[الثانية :] وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأنّ الزكاة يجوز أن يكفّن منها الموتى ويقضى بها الدين عن الميّت ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك كلّه (٣).
والحجّة لأصحابنا ـ مضافا إلى إجماعهم ـ قوله تعالى في آية وجوه الصدقات : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ، ومعنى سبيل الله الطريق إلى ثوابه والوصلة إلى التقرب إليه ، ولمّا كان ما ذكرناه مقرّبا إلى الله تعالى وموصلا إلى الثواب ، جاز صرفه فيه ، فإذا قيل : إن المراد بقوله تعالى : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) ما ينفق في جهاد العدو.
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٤٨٨.
(٢) الانتصار : ٨٥.
(٣) المغني (لابن قدامة) ، ٢ : ٥٢٧.