الجواب : قلنا : إنّ سجنه عليهالسلام إذا كان قبيحا ومنكرا فعليه أن يتوصّل إلى إزالته بكلّ وجه وسبب ، ويتشبث إليه بكلّ ما يظنّ أنّه يزيله عنه ، ويجمع فيه بين الأسباب المختلفة ، فلا يمتنع على هذا أن يضمّ إلى دعائه الله تعالى ورغبته إليه في خلاصه من السجن ، أن يقول لبعض من يظنّ أنّه سيؤدّي قوله : «اذكرني ونبّه على خلاصي» وإنّما القبيح أن يدع التوكّل ويقتصر على غيره فأمّا أن يجمع بين التوكّل والأخذ بالحزم فهو الصواب الّذي يقتضيه الدين والعقل.
ويمكن أيضا أن يكون الله تعالى أوحى إليه بذلك وأمره بأن يقول للرجل ما قاله (١).
ـ (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) [يوسف : ٤٥ ـ ٤٦].
أنظر البقرة : ٣١ من الأمالي ، ٢ : ٦٢.
ـ (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف : ٥٥].
الحمد لله وسلامه على عباده الذين اصطفى محمّد نبيّه والطيبين من عترته.
جرى في مجلس الوزير السيّد الاجلّ أبي القاسم الحسين بن علي المعري (٢) «أدام الله سلطانه» في جمادى الاخرة سنة خمس عشرة وأربعمائة كلام في الولاية من قبل الظلمة ، وكيفية القول في حسنها وقبحها ، فاقتضى ذلك إملاء مسألة وجيزة يطلع بها على ما يحتاج إليه في هذا الباب ، والله الموفّق للصواب والرشاد.
إعلم أنّ السلطان على ضربين : محقّ عادل ، ومبطل ظالم متغلّب. فالولاية من قبل السلطان المحقّ العادل لا مسألة عنها ، لأنّها جائزة ، بل ربّما كانت واجبة إذا حتمها السلطان وأوجب الإجابة إليها.
وإنّما الكلام في الولاية من قبل المتغلّب ، وهي على ضروب : واجب وربّما تجاوز الوجوب إلى الإلجاء ، ومباح ، وقبيح ، ومحظور.
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٨٤.
(٢) في المطبوع : المغربي.