والظاهر من الكلام بغير ما ذكر من الوجهين أشبه ، لأنّه تعالى خبّر عنه أنّه وإن بسط أخوه إليه يده ليقتله لا يبسط يده ليقتله ؛ أي وهو مريد لقتله ومخيّر إليه ؛ لأنّ هذه اللام بمعنى «كي» ، وهي منبئة عن الإرادة والغرض ؛ ولا شبهة في حظر ذلك وقبحه ؛ ولأنّ المدافع إنّما تحسن منه المدافعة للظالم أو طلبا للتخلّص من غير أن يقصد إلى قتله والإضرار به ؛ ومتي قصد ذلك كان في حكم المبتدئ بالقتل ؛ لأنّه فاعل القبيح ، والعقل شاهد بوجوب التخلّص من المضرّة بأيّ وجه تمكّن منه ؛ بعد أن يكون غير قبيح.
فإن قيل : فكأنّكم تمنعون من حسن امتحان الله تعالى بالصبر على ترك الانتصار والمدافعة توجبونهما على كلّ حال!
قلنا : لا نمنع من ذلك ؛ وإنّما بيّنا أنّ الآية غير مقتضية لتحريم المدافعة والانتصاف ؛ على ما ذهب إليه قوم ؛ لأنّ قوله : (لِأَقْتُلَكَ) يقتضي أن يكون البسط لهذا الغرض ؛ والمدافعة لا يقتضي ذلك ، ولا يحسن من المدافع أن يجري بها إلى ضرر ؛ فلا دلالة في الآية على تحريم المدافعة ، ووجب أن يكون ما ذكرناه أولى بشهادة الظاهر (١).
ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) [المائدة : ٣٠].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨].
[فيها أمور :
الأوّل : وفيه موضعان :]
[الأوّل :] وممّا انفردت به الإمامية القول بأنّ السارق يجب قطع يده من أصول الأصابع تبقى له الراحة والإبهام ، وفي الرجل يقطع من صدر القدم ويبقى له العقب.
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٤٣.