فان قلتم : خالفنا الظاهر بدليل.
قلنا : ونخالفه أيضا بدليل.
والجواب عن السؤال : أنّه ليس الظاهر من قوله تعالى : (خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) ينبغي أن يكون متوجّها إلى بنى آدم دون غيرهم من العقلاء.
والظاهر من قوله تعالى : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) يقتضي ترتّب القول على الخلق والتصوير (١).
ـ (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف : ١٢].
أنظر البقرة : ٣٤ من الرسائل ، ٢ : ١٥٥ والمائدة : ٦ ، الأمر السادس ، الموضع الأوّل ، من الرسائل ، ٢ : ٦٧ والأنعام : ١٥١ من الأمالي ، ٢ : ٢٩٧.
ـ (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) [الأعراف : ١٩].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ)
(أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠].
[استدلّ بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهمالسلام ، قالوا :] فرغبهما بالتناول من الشجرة ليكونا في منزلة الملائكة حتى تناولا وعصيا ؛ وليس يجوز أن يرغب عاقل في أن يكون على منزلة دون منزلته ، حتى حمله ذلك على خلاف الله تعالى ومعصيته ، وهذا يقتضي فضل الملائكة على الأنبياء.
فيقال : لم زعمتم أنّ قوله تعالى : (أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) معناه أن تصيرا وتنقلبا إلى صفة الملائكة ، فانّ هذه اللفظة ليست صريحة لما ذكرتم ، بل أحسن الأحوال أن تكون محتملة له.
وما أنكرتم أن يكون المعنى أنّ المنهي عن تناول الشجرة غيركما وأنّ النهي يختصّ الملائكة والخالدين دونكما. ويجري ذلك مجرى قول أحدنا لغيره «ما
__________________
(١) الرسائل ، ٣ : ٩٥.