ليسوا من نسل آدم عليهالسلام بل للجنّ وغيرهم من خلق الله تعالى ، وعلى هذا الجواب تسقط الشبهة ولا يبقى سؤال.
الجواب الآخر : أن يكون قوله تعالى : (خَلَقْناكُمْ) لم يرد به الايجاد والاصلات وإن كان الخطاب به لبني آدم ، وإنّما أراد تعالى التقدير.
وعلى هذا المعنى حمل قوم من العلماء قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١).
بمعنى أنّه تعالى قدرها وعلم كيفيتها وأحوالها وسوء (٢) الخلق الإيجاد والاحداث وقد يسمّى أحدنا بأنّه خالق للاديم وإن لم يكن محدثا ولا موجدا ، فالشبهة أيضا ساقطة عن هذا الجواب.
وقد أجاب قوم عن هذا السؤال ، بأنّ لفظة «ثم» في قوله تعالى : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) لم يأت لترتيب الجواب الأمر بالسجود على الخلق والتصوير ، لا الأمر هو المرتّب عليها (٣).
وهذا الجواب وإن كان مسقطا للشبهة ، فإنّه مخالف للظاهر ؛ لأنّ ظاهر الكلام يقتضي أنّ الأمر بالسجود هو المرتّب لا للاعلام. ألا ترى أنّ القائل إذا قال : ضربت زيدا ثم عمرا ، فإنّ الظاهر من كلامه يقتضي أنّ ضرب عمر هو المرتّب على ضرب زيد.
وعلى هذا الجواب الذي حكيناه يجوز أن يكون ضرب عمرو متقدّما على ضرب زيد ، وإنّما أدخل لفظة «ثم» لإعلام ترتّب الضرب على الضرب ومعلوم خلاف ذلك.
فإن قيل : فالجواب الذي ذكرتموه المبني على أنّ قوله تعالى : (خَلَقْناكُمْ) لم يعن به البشر وإنّما عني به غيرهم ، مخالف أيضا للظاهر.
__________________
(١) سورة الصافات ، الآية : ٩٦.
(٢) كذا في النسخة. والظاهر ان كلمة «سوء» زائدة.
(٣) كذا في المطبوعة ولعلّ الصحيح هكذا «لم يأت لترتيب الأمر بالسجود على الخلق والتصوير ، بل الأمر هو المرتّب عليها».