التوبة : ما نحن ذاكروه ومنبّهون على خلافه ، قال ـ بعد أن ذكر أنّ الاستغفار انّما كان لأجل الموعدة من الأب بالإيمان ـ : إنّ الله تعالى إنّما ذكر قصّة إبراهيم عليهالسلام بعد قوله (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) لئلا يتوهّم أحد أنّ الله عزوجل كان جعل لإبراهيم عليهالسلام من ذلك ما لم يجعله للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّ هذا الّذي لم يجعله للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز أن يجعله لأحد ؛ لأنّه ترك الرضا بأفعال الله تعالى وأحكامه.
وهذا الذي ذكره غير صحيح على ظاهره ؛ لأنّه يجوز أن يجعل لغير نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ممن لم يقطع له ، على أنّ الكفّار معاقبون لا محالة أن يستغفر للكفّار ؛ لأنّ العقل لا يمنع من ذلك ؛ وإنّما يمنع السمع الّذي فرضنا ارتفاعه.
فإن قال : اردت انّه ليس لأحد ذلك مع القطع على العقاب. قلنا : ليس هكذا يقتضي ظاهر كلامك. وقد كان يجب إذا أردت هذا المعنى أن تبيّنه وتزيل الابهام عنه ، وإنّما لم يجز أن يستغفر للكفّار ـ مع ورود الوعيد القاطع على عقابهم ، زايدا على ما ذكره أبو علي من أنّه ترك الرضا بأحكام الله ـ لأن فيه سؤالا له تعالى أن يكذب في إخباره ، وأن يفعل القبيح من حيث أخبر بأنّه لا يغفر للكفّار مع الاصرار (١).
ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) [التوبة : ١١٥].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) [التوبة : ١١٧].
[نقل القاضي استدلال واصل بن عطاء بهذه الآية على بطلان طريقة الإمامية في سوء الثناء على بعض الصحابة.
قال السيّد : أوّل ما فيه أنّ] الظاهر لا يقتضي العموم.
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٥٥.