النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فانّه أمر بالوفاء بما هو نذر على الحقيقة ، ونحن نخالف في أنّه يستحقّ هذه التسمية مع فقد الشرط ، فليدلّوا عليه.
وأمّا استدلالهم بقول جميل :
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي |
|
وهمّوا بقتلي يابثين لقوني (١) |
وبقول عنترة :
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما |
|
والناذرين إذا لقيتهما دمي (٢) |
فانّ الشاعرين أطلقا إسم النذر مع عدم الشرط ، فمن ركيك الاستدلال ؛ لأنّ جميلا ما حكى لفظ نذرهم وإنّما أخبر عن أعدائه بأنّهم نذروا دمه ، فمن أين لهم أنّ نذرهم الذي أخبر عنه لم يكن مشروطا ؛ وكذلك القول في بيت عنترة ، على أنّ قوله : «إذا لقيتهما [أو إذا لم ألقهما] دمي» [على اختلاف الرواية] هو الشرط ، فكأنّهم قالوا : إذا لقيناه قتلناه ، فنذروا قتله ، والشرط فيه اللقاء له (٣).
ـ (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) [المائدة : ١].
أنظر المقدّمة الثالثة ، الأمر الأول.
ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) [المائدة : ٣].
[وفيها أمران :
الأوّل :] وممّا ظنّ أنّ الإمامية منفردة به وشنّع به عليها القول بأنّ جلود الميتة لا تطهر بالدباغ وهو مذهب أحمد بن حنبل (٤) ، فالشيعة غير منفردة به ، والدليل على صحّة ما ذهبت إليه من ذلك ـ مضافا إلى الطريقة المشار إليها في كلّ المسائل ـ قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) وهذا تحريم مطلق يتناول أجزاء الميتة في كلّ حال ، وجلد الميتة يتناوله اسم الموت ؛ لأنّ الحياة تحله وليس بجار مجرى العظم والشعر وهو بعد الدباغ يسمّى جلد ميتة ، كما كان
__________________
(١) ديوان جميل : ٩٣.
(٢) ديوان عنترة : ١٨.
(٣) الانتصار : ١٦٣.
(٤) المحلّى ، ١ : ١٢١.