ـ (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران : ١٥٩].
فأمّا التوكّل في الحقيقة فهو طلب الشيء من جهته ، وعلى الوجه الذي أبيح له طلبه منه ، وأن لا يقع جزع وقنوط عند فوته ، ولهذا روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لو توكّلتم على الله تعالى حقّ التوكّل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطلانا» (١) ، فسمّاها مع الغدو والرواح في طلب الرزق متوكّلة (٢).
ـ (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) [آل عمران : ١٦٧].
[قد يقال : يمكن ان يتعلّق بهذه الآية لإثبات الكلام النفسي ، لكنّه ليس كذلك ؛ لانها] إنّما يقتضي أنّ قولهم ليس في قلوبهم ، ونحن متّفقون على ذلك ، ولا دلالة فيه على إثبات قول لغيرهم في القلب إلّا من طريق دلّ الخطاب وليس بصحيح.
على أنّ المعنيّ بذلك أنّهم ينافقون ويظهرون ما لا ينطوون على العلم بصحّته (٣).
ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].
[فيها أمور :
الأوّل :] الشهادة : خروج النفس في طاعة الله تعالى أو قربته إليه ؛ لأنه لا يسمى من في معصيته ولا في طاعة معصيته شهيدا. ووجدت بعض ثقات أهل اللغة يحكي في كتابه أن الشهيد هو الحي ، وأظنّه ذهب إلى قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٤).
__________________
(١) بحار الأنوار ٧١ / ١٥١ ، مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٠ ، ٥٢.
(٢) الذخيرة : ٢٧٢.
(٣) الملخص ، ٢ : ٤٠٢.
(٤) الرسائل ، ٤ : ١١٠.