(يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (١) معناه ألّا تضلوا ، وكقوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (٢) ، معناه أن لا تميد بكم ، وكقول الخنساء :
فأقسمت آسي على هالك |
|
وأسأل نائحة ما لها (٣) |
أرادت : «لا آسى».
وقال امرؤ القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي (٤) |
أراد «لا أبرح».
وقال عمرو بن كلثوم :
نزلتم منزل الأضياف منّا |
|
فعجّلنا القرى أن تشتمونا (٥) |
أراد ألّا تشتمونا ؛ والشواهد في هذا كثيرة جدّا.
وهذا الجواب يضعّفه كثير من أهل العربية ؛ لأنّهم لا يستحسنون إضمار «لا» في مثل هذا الموضوع.
فأمّا قوله تعالى حاكيا عنه : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) ؛ فقال قوم من المفسّرين : إنّ القتل على سبيل الانتصار والمدافعة لم يكن مباحا في ذلك الوقت ؛ وإنّ الله تعالى أمره بالصبر عليه ، وامتحنه بذلك ، ليكون هو المتولّي للانتصاف.
وقال آخرون : بل المعنى أنّك إن بسطت إليّ يدك مبتدئا ظالما لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك على وجه الظلم والابتداء ؛ فكأنّه نفى عن نفسه القتل القبيح ، وهو الواقع على سبيل الظلم.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٧٦.
(٢) سورة النحل ، الآية : ١٥.
(٣) ديوانها : ٢٠٢ والرواية هناك :
يد الدّهر آسى على هالك |
|
وأسأل نائحة ما لها |
(٤) ديوانه : ٥٨.
(٥) من المعلقة ، ص ٢٣٥ ـ بشرح التبريزي.