وقال محمّد بن الحسن : يتوضّأ به ويتيمّم مع فقد الماء ، وأوجب الجمع بينهما في السّفر (١).
دليلنا على صحّة مذهبنا مع الاجماع المقدّم ذكره ، بل إجماع أهل البيت عليهمالسلام : قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) فنقلنا من الماء إلى التراب من غير واسطة ، وأبو حنيفة يخالف هذا الظاهر ، لأنّه يجعل بينهما واسطة هي النّبيذ.
وليس له أن يقول : إنّ في النّبيذ ماء ، فمن وجده كان واجدا للماء ، ولا يجوز انتقاله إلى التّراب.
وذلك أن ليس كلّ شيء كان فيه ماء ، يطلق اسم الماء عليه ، لأنّ الخلّ ، وماء الورد ، وسائر المائعات فيها ماء ولا يطلق عليها اسم الماء ويتيمّم مع وجودها.
على أنّه لو تناول النّبيذ اسم الماء لدخل تحت الآية [كدخول الماء المطلق ، ووجبت مساواة النّبيذ الماء في حكم الآية] ، ويلزم جواز الوضوء بالنّبيذ مع وجود الماء لأنّه جار مجراه ، وقد أجمعوا على خلاف ذلك.
على أنّ الأنبذة المسكرة عندنا نجسة ، ولا يجوز الوضوء بها وهي نجسة ، وما ليس بمسكر منها فما دلّ على أنّ المائعات كالخلّ وما أشبهه لا يجوز الوضوء بها يدلّ على أنّه لا يجوز الوضوء به.
وقد استقصينا في كتابنا مسائل الخلاف (٢) بين سائر الفقهاء الكلام في أنّه لا يجوز الوضوء بالأنبذة ، وتكلّمنا على خبر ليلة الجنّ (٣) ووصفناه ، فمن أراد الاستقصاء وجده هناك (٤).
[السادس : قال الناصر رحمهالله :]
«ولا يجوز التحرّي في الأواني وإن كانت جهة الطّاهر أغلب».
__________________
(١) الأصل (للشيباني) ، ١ : ٧٤ ، ٧٥.
(٢) غير متوفّر لدينا.
(٣) انظر المجموع ، ١ : ٩٥.
(٤) الناصريات : ٧٤.