فإن قال : الدليل على أنّها في أبي بكر وأصحابه قول أهل التفسير.
قيل له : أو كل أهل التفسير قال ذلك؟
فإن قال : نعم ، كابر ؛ لأنّه قد روي عن جماعة التأويل الذي ذكرناه ، ولو لم يكن ذلك إلّا ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ووجوه الصحابة لكفى.
فإن قال : حجّتي قول بعض المفسّرين.
قلنا : وأي حجّة في قول البعض ، ولم صار البعض الذي قال ما ذكرته بالحق أولى من البعض الذي قال ما ذكرناه.
ثمّ يقال له : قد وجدنا الله تعالى نعت المذكورين في الآية بنعوت يجب أن نراعيها لنعلم أفي صاحبنا هي أم في صاحبك؟ لأنّه وصفهم بأنّ الله يحبّهم ويحبّونه ، وهذا وصف مجمع عليه في صاحبنا مختلف فيه في صاحبك ، وقد جعله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم علما له في خيبر حين فرّ من القوم عن العدوّ فقال : «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار» فدفعها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ قال : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) ومعلوم بلا خلاف حالة أمير المؤمنين عليهالسلام في التخاشع والتواضع وذمّ نفسه وقمع غضبه وأنّه ما رؤي طائشا ولا مستطيرا (١) في حال من أحوال الدنيا ، ومعلوم حال صاحبيكم في هذا الباب :
أمّا أحدهم : فإنه اعترف طوعا بأن له شيطانا يعتريه عند غضبه ، وأمّا الآخر : فكان معروفا بالحدّة والعجلة ، مشهورا بالفظاظة والغلظة.
وأمّا العزّة على الكافرين فإنّما يكون بقتالهم وجهادهم والانتصاف منهم ، وهذه حال لم يسبق أمير المؤمنين عليهالسلام إليها سابق في الحقيقة ولا لحقه فيها لاحق ثمّ قال : «يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم» وهذا وصف أمير المؤمنين عليهالسلام مستحقّ له بالإجماع ، وهو منتف عن أبي بكر وعمر بالاجماع ؛
__________________
(١) الطيش : القحة والنزق ، والمستطير ـ هنا ـ : الشّرير.