قلنا : هذه الظواهر يجوز أن يرجع عنها بالأدلّة ، كما رجعتم أنتم عنها في تحريم نكاح المرأة على عمّتها وخالتها ، والاجماع الذي ذكرناه يوجب الرجوع ؛ لأنّه مفض إلى العلم ، والأخبار التي روتها الشيعة لو إنفردت عن الاجماع لوجب عند خصومنا أن يخصّوا بها كل هذه الظواهر ؛ لأنّهم يذهبون إلى تخصيص ظواهر القرآن بأخبار الآحاد ، وليس لهم أن يقولوا هذه أخبار لا نعرفها ولا رويناها فلا يجب العمل بها.
قلنا : شروط الخبر الذي يوجب العمل عندكم قائمة في هذه الأخبار ، فابحثوا عن رواتها وطرقها لتعلموا ذلك ، وليس كلّ شيء لم تألفوه وترووه لا حجّة فيه ، بل الحجّة فيما حصلت له شرائط الحجّة من الأخبار ، ولو لم يكن في العدول عن نكاح من ذكرناه إلّا الاحتياط للدين لكفى ؛ لأنّ نكاح من هذه حاله مختلف فيه ومشكوك في إباحته ، فالتجنّب له أولى ، وقد رويتم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (١).
أقول : بيّن السيد رحمهالله بهذا الدليل الجواب عن مسائل أخرى ، نذكرها باختصار :
الاولى : من زنا بامرأة وهي في عدّة من بعلها له عليها فيها رجعة حرمت عليه بذلك ، ولم تحل له أبدا.
الثانية : من عقد على امرأة وهي في عدّة مع العلم بذلك لم تحل له أبدا ؛ وإن لم يدخل بها.
الثالثة : من عقد على امرأة وهي في عدّة وهو لا يعلم ، فدخل بها ، فرّق بينهما ولم تحل له أبدا.
الرابعة : من تلوط بغلام فأوقب لم تحل له أمّ الغلام ، ولا أخته ، ولا بنته أبدا.
__________________
(١) الانتصار : ١٠٦.