إذا قيل : أيّ الناس شرّ قبيلة |
|
أشرّت كليب بالأكفّ الأصابعا |
قال الراغب (١) : فإن لم يكن في هذا إلا هذا البيت فإنه يحتمل أنها نسبت الأصابع (٢) بالإشارة إليه ، فيكون من أشررته : إذا نسبته إلى الشرّ. يعني أنه إن لم يكن لهذا القول شاهد إلا الشّعر ، فإنه لا دلالة فيه ، لاحتمال ما ذكره. وهو كما قاله. ويروى البيت :
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع
بجرّ كليب ورفع الأصابع ، على تقدّم أشارت الأصابع إلى كليب فحذف الجارّ وأبقى عمله ، وهو شاذّ كقول الآخر (٣) :
حتى سرح فارتقى الإعلام
يريد : إلى الإعلام.
والشّرّ بالضم خصّ بالأمر المكروه. وشرر النار : ما تطاير منها ؛ سمي بذلك لما فيه من الشرّ. قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ)(٤) ، أي يدعو على نفسه وولده وماله حال ضجره ، كما يدعو لهم بالخير فلا يعجل الله تعالى عليه لطفا به. وقوله تعالى : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً)(٥) نسب الشرّ إلى مكانهم مبالغة ؛ إذ لا يحضر المكان الموصوف بالشرّ إلا شرّير.
وفي الحديث : «يشر شر شدقه» (٦) أي يشقّق. والمشهور في مادة الخير والشرّ إذا بني منها أفعل تفضيل أن لا تثبت همزتها ؛ فيقال : زيد خير من عمرو ، وشرّ من بكر. وشذّ ثبوتها فيهما كقوله (٧) : [من الرجز]
بلال خير الناس وابن الأخير
__________________
(١) المفردات : ٢٥٧.
(٢) أسقط الناسخ هنا من كلام الراغب قوله : إلى الشر ، وهو مناسب.
(٣) الشطر غامض.
(٤) ١١ الإسراء : ١٧.
(٥) ٧٧ يوسف : ١٢.
(٦) من حديث الرؤيا كما في النهاية : ٢ ٤٥٩. يريد : يشقّقه ويقطّعه.
(٧) شرح ابن عقيل : ١ ١٣ ، جاء به شاهدا على مجيء أخير وأشرّ على الأصل.