وقرئ شاذا : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)(١). وإذا بني منهما أفعل التعجب ثبتت الهمزة ، فيقال : ما أخيرك وما أشرّه! وقد شذّ حذفها هنا في قولهم : ما خير اللبن للصحيح وما شرّه للمبطون. كما شذّ ثبوتها هناك كما مثّلته لك في الآية الكريمة والبيت.
ش ر ط :
قوله تعالى : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٢) أي علاماتها ، واحدها شرط. والشرط الصناعيّ والشرعيّ من ذلك ، لأنه علامة لترتّب الحكم عليه ؛ ألا ترى إلى قولك : إن قمت ١٧٥ أكرمتك؟ فالقيام علامة لوقوع الإكرام مرتبا عليه. وقولك : إن دخلت الدار فأنت طالق ، بأنّ دخول الدار علامة على وقوع الطلاق؟ وفي كلام الراغب (٣) ما يضادّ ذلك ؛ فإنه قال : والشّرط : كلّ حكم يتعلّق بأمر يقع بوقوعه. وذلك الأمر كالعلامة له. وهذا عكس ما قاله الناس ، وعكس المعنى أيضا.
وأشرط نفسه : جعل لها علامة تعرف بها. قيل : والشّرط من ذلك ، لأنهم جعلوا زيّا يعرفون به دون غيرهم. وقيل : لأنهم أراذل الناس. ومنها : أشراط الإبل للرّذال منها. وفي الحديث ، وقد ذكر الزكاة : «ولا الشّرط اللئيمة» (٤) قيل : هي رذال الجمال كالدّبر والهذيل (٥). قال أبو عبيد : هي صغار الغنم وشرارها. واشترط كذا ، أي جعل له علامة على ما يتّفق مع غيره عليه. وقد اشترط نفسه للهلكة : إذا عمل عملا يكون علامة على هلكته ، أو يكون فيه شرط للهلاك.
والشرائط جمع شريطة لا شرط. وفي الحديث : «نهى عن شريطة الشّيطان» (٦) قيل : ذبيحة لا تقطع (٧) فيها الأوداج ، مأخوذ من شرط الحجّام ، لأنّ أهل الجاهلية كانوا يقطعون
__________________
(١) ٢٦ القمر : ٥٤. قرأها مجاهد وحده «الأشر» وانظر معاني القراء للفراء : ٣ ١٠٨.
(٢) ١٨ محمد : ٤٧.
(٣) المفردات : ٢٥٨.
(٤) النهاية : ٢ ٤٦٠.
(٥) الدبر : المصاب بتقرح في دبره. أي أن هذه الأصناف لا تكون زكاة عن غيرها.
(٦) النهاية : ٢ ٤٦٠.
(٧) في الأصل : لا تفرى ، والتصويب من النهاية.