ثم قال : «إنّ أهون [السقي](١) التّشريع» ففرق أولئك النّفر فاعترفوا بقتله فقتلهم به. يريد رضي الله عنه أنّ شريحا أخذ بالأهون ولم يستبرئ. كما أنّ التّشريع ، وهو إيراد الإبل الشريعة ، أمر هين لا يحتاج أصحاب الإبل إلى نزع دلاء ولا حوض. فجعل ذلك مثلا. وما أحسن هذا وأبلغه!
ش ر ق :
قوله تعالى : (بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ)(٢). الإشراق : مصدر أشرقت الشمس أي أضاءت. يقال : شرقت الشمس شروقا : طلعت. وأشرقت : أضاءت. وشرقت ـ بالكسر ـ : أخذت ودنت للغروب. وقيل : شرق وأشرق بمعنى واحد. والمراد وقت الإشراق. وفي تفسير ابن عباس أنّ المراد به صلاة الضّحى ، وكانت الجاهلية في موقفهم يقولون : «أشرق ثبير كيما نغير» (٣) أي ادخل في الشروق حتى ننفر وندفع (٤). وقولهم : «لا أفعل ذلك ما ذرّ شارق» (٥) أي ما طلع نجم من جهة الشرق.
قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)(٦) وفي موضع آخر بلفظ التثنية (٧) ، وفي أخر بلفظ الجمع (٨) ، وذلك بحسب اختلاف الإرادات. قال بعضهم : حيث أتيا بلفظ الإفراد ، يعني المشرق والمغرب ، فالمراد بذلك ناحيتا الشرق والغرب. وحيث أتيا بلفظ التثنية فالمراد مطلعا الصيف والشتاء ومغربهما. وحيث وردا بلفظ الجمع فالمراد مطلع كلّ يوم ومغربه ؛ فيقال : إن للشمس ثلاث مئة وستين كرّة في الفلك تطلع كلّ يوم من واحدة ، وكذا في جهة الغروب.
والمشرق والمغرب : اسما مكان الشروق والغروب ، فكان قياسهما ضمّ العين ، إلا أنّ
__________________
(١) فراغ في الأصل ، والإضافة من النهاية : ٢ ٤٦٠.
(٢) ٢٨ ص : ٣٨.
(٣) النهاية : ٢ ٤٦٤. ثبير : جبل بمنى. أي ادخل أيها الجبل في الشروق.
(٤) أي : ندفع للنحر.
(٥) المستقصى : ٢ ٢٤٨.
(٦) ٢٨ الشعراء : ٢٦.
(٧) ١٧ الرحمن : ٥٥.
(٨) ٤٠ المعارج : ٧٠.