ش ر ك :
قوله تعالى : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ)(١) قرئ شركاء وشركا (٢). فالشّرك يقال بمعنى الشّريك ، وبمعنى النصيب. وفي التفسير أن إبليس عيّرهما حين سمّياه عبد الحارث وكان عبد الله في قصة ذكروها لا تصحّ عن مثل أبوينا ، وإن صحّت فمن ذرّيّتهما ، لا منهما. وجمعه أشراك ، وأنشد للبيد (٣) : [من الوافر]
تطير عدائد الأشراك شفعا |
|
ووترا ، والزّعامة للغلام |
ومن قرأ : (شُرَكاءَ) أراد به جمع شريك. وأصله الشّركة. والمشاركة : خلط الملكين. وقيل : هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا ؛ عينا كان ذلك الشيء أو معنى ، كمشاركة الإنسان [والفرس](٤) في الحيوانية ، ومشاركة فرس وفرس في الكمتة والدّهمة. يقال : شركته وشاركته وتشاركته وتشاركوا واشتركوا. وأشركته في كذا ؛ قال تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)(٥). وفي الحديث : «اللهمّ أشركنا في دعاء الصالحين» (٦).
ثم الشّرك ضربان : ضرب يجعل لله فيه شريك. وهذا ـ والعياذ بالله منه ـ وصفه تعالى بأنه ظلم عظيم. والثاني الشّرك الصغير ، وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور ، وذلك كالرّياء والنّفاق المشار إليهما بقوله : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) في أحد الأقوال. وقوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(٧). وقال آخرون : معنى «مشركون» أي واقعون (٨) في شرك الدنيا ، أي حبائلها. ومن ثم قال عليه الصلاة والسّلام : «الشّرك في هذه الأمّة أخفى من دبيب النّمل على الصّفا» (٩). ولفظ الشّرك من الألفاظ المشتركة. قوله :
__________________
(١) ١٩٠ الأعراف : ٧.
(٢) والأخيرة قراءة نافع وأبي جعفر وأبي بكر عن عاصم (معاني القرآن للفراء : ١ ٤٠٠ ، وحاشيتها).
(٣) الديوان : ٢٠٢.
(٤) نقل المؤلف الكلام من الراغب وأسقط الكلمة (المفردات : ٢٥٩).
(٥) ٣٢ طه : ٢٠.
(٦) المفردات : ٢٥٩.
(٧) ١٠٦ يوسف : ١٢.
(٨) وفي الأصل : واقفين ، ولعلها كما ذكرنا.
(٩) النهاية : ٢ ٤٦٦ ، وفيه : أخفى في أمتي. ويؤيد الأصل اللسان والتاج والمفردات. ويقول ابن الأثير : يريد الرياء في العمل ، فكأنه أشرك في عمله غير الله.