فشككت بالرمح الطويل (١) ثيابه |
|
ليس الكريم على القنا بمحرّم |
فكأنّ الشكّ الخرق في الشيء ، وكأنّه بحيث لا يجد الرأي فيه مستقرا يثبت فيه ويعتمد عليه ، ولذلك يعدّى بفي ، وإن كان أصله المتعدّي بنفسه ، لكنه لمّا تضمّن معنى الخرق والغيبوبة في الشيء تعدّى تعديتهما. وقيل : هو مستعار من الشكّ وهو لصوق العضد بالجنب ، وذلك أن يتلاصق النقيضان ، فلا يجد الرأي والفهم حينئذ لهما مدخلا ، لعدم تخلّل ما بينهما. قيل : ويشهد لذلك قولهم : التبس الأمر واختلط وأشكل.
والشّكّة : السّلاح ، لأنه يشكّ به ، أي يفصل. ثم قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ)(٢) الخطاب له في الصورة والمراد أمته. وإنما خوطب دونهم لأن العرب إنما تخاطب رئيس القوم. ومثله قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ)(٣) بدليل قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(٤) ولم يقل : بما تعمل. وفي الحديث : «أنا أولى بالشكّ من إبراهيم» (٥) تأويله ـ على ما قال الهرويّ وغيره ـ أنه قال ذلك تواضعا منه عليه الصلاة والسّلام. يعني : أنا لا أشكّ فكيف بإبراهيم؟ فهو نفي للشكّ عن إبراهيم بهذا الدليل. وإنما قال ذلك لأنه لما نزل قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) الآية (٦) قال قوم ممنّ سمعوها : شكّ إبراهيم فقال عليه الصلاة والسّلام ذلك.
ش ك ل :
قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)(٧) أي ناحيته ووجهته وطريقته ومنه : طريق ذو شواكل : إذا كان تتشعّب منه طرق كثيرة. وقيل : على سجيته التي قيّدته ؛ فهو من : شكلت الدابّة ، أي قيدتها بالشّكال. ومنه استعير : شكلت الكتاب ، أي قيّدته بالضّبط. ودابّة بها
__________________
(١) المشهور ، وكما في الديوان : الأصم.
(٢) ٩٤ يونس : ١٠.
(٣) ١ الأحزاب : ٣٣.
(٤) ٢ الأحزاب : ٣٣.
(٥) النهاية : ٢ ٤٩٥.
(٦) ٢٦٠ البقرة : ٢.
(٧) ٨٤ الإسراء : ١٧.