العلم (١).
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة : ٦] الآية عن طائفة من علماء السلف أنها منسوخة قالوا : ولو لم ينسخ لوجب على كل قائم إلى الصلاة الطهارة وإن كان متطهرا.
وذكروا أن الناسخ لها السنة من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه. فقال عمر : لقد فعلت شيئا ما كنت تفعله فقال : «عمدا فعلته».
ومن منع أن ينسخ القرآن بالسنة قال : إن هذا تبيين ليس بنسخ وللعلماء في جملة هذه الآية أقوال : في كونها ناسخة أو كونها منسوخة قد ذكرت بعض ذلك في سورة النساء وبعضه ههنا.
ويحكى عن الشعبي : أن ذكر المسح على الأرجل من هذه الآية منسوخ بالسنة المتواترة بغسلها (٢) ولا يجوز المسح على الرجلين دون الغسل.
وعلى ذلك الإجماع وإنما يكون المسح على الخفين (٣) ، وقد قيل : إن المسح على الرجلين في هذه الآية معناه الغسل الخفيف حكاه زيد بن العرب.
وهذا لا يعارض قول الشعبي فإن الغسل الخفيف في الرجلين كالمسح سواء لا يجزيان وليس يجزي في الرجلين إلا الغسل المستوفى بدليل آثار ثابتة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في صفة غسلهما (٤).
ويروى عن ابن عباس أن قوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ناسخ للمسح على الخفين وأن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يمسح على خفيه بعد نزول سورة المائدة (٥).
وأجمع أهل العلم على ترك العمل بهذا لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي أنه
__________________
(١) انظر : الإيضاح (٢٢٤).
(٢) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس (١٢١).
(٣) انظر : الإيضاح (٢٣٠).
(٤) انظر : الإيضاح (٢٢٩).
(٥) انظر : الإيضاح (٢٣١).