وقال سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي : إن الآية مخصصة محكمة يراد بها المتعمد لترك التسمية عند الذبيحة وخصصها إباحة أكل ذبائح أهل الكتاب.
وهذا مذهب مالك وكثير من الفقهاء ، غير أن مالكا يكره أكل ذبيحة الكتابي إذا علم أنه لم يسم متعمدا ولم يحرم ذلك.
وقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) [الأنعام : ١٤٥] الآية.
قال بعض أهل العلم هي منسوخة بتحريم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكل لحوم الحمر الأهلية ، وأكل لحم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير.
وقال أكثرهم : إنما هو تخصيص. وممن يقول إنها محكمة ابن جبير والشعبي وابن شهاب وهو مذهب (١) مالك.
وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الأنعام : ١٥٢] قال قتادة هو منسوخ بقوله : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠] منع من قرب ماله بمكة وأباح مخالطته وقربه في المدينة (٢).
وقال أكثر أهل السلف هي محكمة ، وإنما وقع النهي فيها عن قرب ماله بغير
__________________
ـ المسألة الرابعة : لما قال تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) دخل ذلك بنو إسرائيل ، لأنهم هم أهل الكتاب ؛ وهل يدخل في ذلك من دان بدينهم من غيرهم ، فيه نزاع ؛ وذلك أن من لم يدعه نبي فاتبعه ، فهل يكون له حكم من دعاه أم لا؟ قالوا : وذلك أن من لم يكن على شرع ، أو كان درس شرعه ، فإنه يدخل في ذلك.
وأما نصارى بني تغلب من العرب فقال ابن عباس ، والشافعي ، ومالك في إحدى الروايتين عنه أنهم تؤكل ذبائحهم ، إلحاقا لهم بأهل الكتاب ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).
وقال ابن عمر وعائشة ومالك ، في الرواية الثانية : لا تؤكل ذبائحهم ، لأنهم لا يعتقدون معتقد الروم من تحليل وتحريم.
(١) انظر : الإيضاح (٢٥٠).
(٢) انظر : الإيضاح (٢٥٠).