الله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة : ٢٣٤].
ويروى هذا القول عن طائفة من السلف منهم ... علي وابن عباس.
قال عطاء : كان ابن عباس يقول : إن مات عنها زوجها ، وهي (٨٩ ظ) حامل : فآخر الأجلين وإن طلقها حاملا ، ثم توفي عنها : فآخر الأجلين : قلت : فأين قول الله عزوجل : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) فقال : ذلك في الطلاق بلا وفاة والقول الثاني : إن قوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) ناسخ لعموم التربص المذكور في الآيتين اللتين في سورة البقرة ، والمتقدم ذكرها آنفا (١) ، واحتجوا على ذلك بحديث أبي بن كعب أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) أمبهمة هي للمطلقة ثلاثا والمتوفى عنها؟ قال : «هي للمطلقة والمتوفى عنها».
واحتجوا أيضا بما ثبت من حديث أم سلمة وغيرها في قصة سبيعة بنت الحارث حين توفي عنها زوجها ، سعد بن خولة ، عام حجة الوداع ، فوضعت بعد وفاته بليال وما قال لها أبو السنابل بن بعكك ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال لها : «كذب أبو السنابل» أو قال : «ليس كما قال أبو السنابل إنك قد حللت فتزوجي» (٢) ، وهذا الحديث ، أولى أن يحتج به لصحة إسناده ، وفي حديث أبي بن كعب المتقدم قبله ضعف ، وممن يقول من الصحابة ، إن قوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) حكمها عام في المطلقة والمتوفى عنها : ابن مسعود ، وأبو هريرة وأم سلمة أم المؤمنين ، وهي السنة الباقية دون اختلاف (٣).
وقد أعطيت هذه المسألة حقها من الاستيعاب بذكر ما جاء فيها عن النبي صلىاللهعليهوسلم من الآثار متبعة بمآخذ السلف والخلف منها في كتاب «آفاق الشموس وإعلاق
__________________
(١) انظر : الإيضاح : (٣٨٠).
(٢) انظر : صحيح البخاري : (٧ / ٧٧).
(٣) انظر : الموطأ (٢ / ٥٨٩ ـ ٥٩٠).