وجمهور السلف ينكرون هذا القول ويريدون أنها محكمة (١) وأن قوله (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ) إنما نسخ فعل بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يأكلون مع الحائض ولا يجتمعون معها في بيت.
وقوله تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا) [البقرة : ١٩٠] قال ابن زيد نسخها بقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البقرة : ١٩٤] الآية هذا في قول من قال : إن الاعتداء ههنا قتل من عاهد. وأما من يرى أن الاعتداء هنا قتل النساء والصبيان فلا نسخ عنده في ذلك. وهو مذهب ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وغيرهما (٢).
وقوله تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٩١] الآية منسوخة عند قوم ناسخة عند قوم.
منسوخة بقوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [البقرة : ١٩٣] وبقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة : ٣٦] الآية وبقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] وبآية السيف وهذا قول قتادة.
أما ناسخة فلقوله : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) [البقرة : ١٩١] قاله إسماعيل بن أويس (٣).
وقال مجاهد وطاوس هي محكمة ومخصوصة في النهي عن القتال في الحرم و (٤) لا يحل القتال فيه إلا أن يقاتلك.
وقوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٩٤] الآية : قال ابن عباس هي منسوخة بقوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا) [الإسراء : ٣٣] الآية وقال كثير من السلف : هي محكمة ثم اختلفوا في وجوه إحكامها (٥).
__________________
(١) انظر : الإيضاح (١٢٩ ، ١٣٠).
(٢) انظر : الإيضاح (١٣٠).
(٣) قطع بالأصل. والزيادة لازمة لتمام السياق.
(٤) في الأصل قطع والزيادة لازمة لتمام السياق.
(٥) انظر : الإيضاح (١٣٣).