وقال عكرمة : نسخها بقوله (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة : ٦]. يريد أنه كان أبيح لهم أن يؤخروا الصلاة في حال السكر حتى يزول السكر.
إذ كانت الخمر غير محرمة ولم يختلف أحد أن مفهوم الخطاب من جواز السكر في هذه الآية منسوخ بقوله (فَاجْتَنِبُوهُ) وبقوله (مُنْتَهُونَ) ما تقدم ذكره.
وقال الضحاك ، وزيد بن أسلم : إن الآية محكمة ومعنى السكر فيها السكر من النوم لا من المسكر (٢).
وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ) [النساء : ٦٤]. الآية.
نسخها تعالى بقوله (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) [التوبة : ٨٠] الآية.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لأزيدن على السبعين» فأنزل الله (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [المنافقون : ٦].
فصارت هذه الآية أيضا ناسخة للتي قبلها (٣).
وقوله تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) [النساء : ٧١] الآية.
روي عن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) الآية [التوبة : ١٢٢]. وهذا لا يصح عن ابن عباس لأن الأمة مجمعة على أن الناس مخيرون بين أن ينفروا للجهاد جميعا ، وينفر بعضهم دون بعض على الكفاية إلا عند الحاجة فيكون النفير فرضا على الجميع (٤).
وحكم هذا الإجماع باق إلى اليوم والآية محكمة غير منسوخة وهو قول جمهور العلماء.
__________________
(١) انظر : الإيضاح (١٩٣).
(٢) انظر : الإيضاح (١٩٤).
(٣) انظر : نواسخ القرآن (١٣١).
(٤) انظر : الإيضاح (٢١٦ ، ٢١٧).