والجواب : أنّه لم يثبت نقل هذه الزّيادة في شيء من كتب الحديث المتداولة فيما بيننا ، فلا تكون معتبرة ، ولو قيل إنّ الزيادة من الثقة مقبولة لقلنا لا نسلّم ، ومع التسليم فإنّما ذلك مع معلوميّة طريق نقلها.
على أنّا لو سلّمناها فلا دلالة لها على ذلك ، إذ يجوز أن يكون المراد بقوله : «ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه» أنّه لا يكون بحيث يصير بسبب الحجّ سائلا بكفّه بعده ، بأن يكون الحجّ جعله سائلا كذلك ، وظاهر أنّ هذا لا يستلزم اشتراط الرّجوع إلى كفاية على الوجه الّذي قلتم ، وأيضا يمكن أن يراد منه بقاء الاستطاعة إلى أن يرجع إلى بلده بحيث لا يسأل الناس في الطريق بكفّه.
وقوله «ما يحجّ ببعضه ويبقى البعض» ، إلى آخره يجوز أن يراد به صرف بعضه في مصالح الحجّ من الرّاحلة والآلات ، والبعض الآخر يصرفه في قوت نفسه في الطريق وقوت عياله في بلدهم إلى أن يرجع.
وبالجملة فالرّواية غير واضحة الدلالة على ما قالوه مع ضعفها فلا تقاوم عمومات القرآن ، وصحاح الأخبار بل تضمحلّ في مقابلهما.
ثمّ إنّ مقتضى الآية الوجوب على المستطيع بالزّاد والرّاحلة كما عرفت ، وهو أعمّ من أن يكون مالكا لهما أولا ، فعلى هذا لو بذلا له ، وجب عليه الحجّ لظهور كونه مستطيعا على ذلك التقدير ، وهل يثبت بمجرّد البذل؟ الأكثر نعم ، واعتبر بعضهم التمليك أو تعليقه بنذر وشبهه ممّا لا يصحّ له الرجوع معه ، نظرا إلى جواز الرجوع فيما بذله فيكون ذلك بمثابة تعليق الواجب على ما ليس بواجب ، والاخبار المعتبرة الإسناد دالّة بإطلاقها على الوجوب من غير تقييد بكون الباذل قد ملّكه أولا.
روى محمّد بن مسلم في الصحيح (١) قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام في قوله (وَلِلَّهِ عَلَى
__________________
(١) التهذيب ج ٥ ص ٣ الرقم ٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٤٠ الرقم ٤٥٦ ورواه في المنتقى ج ٢ ص ٢٨٧ والسند في التهذيب في النسخة المطبوعة بالنجف : موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب عن صفوان عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم وفي الاستبصار ـ