السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض ويبقى بعضا لقوت عياله ، أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلّا على من ملك مائتي درهم؟
والجواب أنّ الرواية غير معلومة الصحّة لجهالة راويها ، ولو سلّم فلا دلالة فيها على ما ذهبوا إليه لأنّها تدلّ على وجوب بقاء النفقة لعياله مدّة ذهابه وعوده ، ونحن لا نخالف في اشتراط ذلك وإنّما ننكر الزيادة عليه ، ولم يعلم من الرّواية اعتبار الرّجوع إلى كفاية على الوجه الّذي ذكروه ، بل هي ظاهرة فيما قلناه وهو أصرح في الردّ على العامّة ، حيث يكتفون بالزاد والراحلة له نفسه ، ولم يعتبروا نفقة العيال المدّة المذكورة.
نعم روى شيخنا المفيد هذا الحديث بزيادة قد تدلّ على ذلك وهي : قد قيل لأبي جعفر عليهالسلام ذلك فقال هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرها ومقدار ذلك ممّا يقوت به عياله ويستغني به عن الناس ، فقد وجب عليه أن يحجّ ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه؟ لقد هلك الناس إذا ، فقيل له : فما السبيل عندك؟ قال السعة في المال وهو أن يكون معه ما يحجّ ببعضه ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله.
فانّ قوله عليهالسلام ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه فيه دلالة مّا على ذلك ثمّ قوله ويبقى البعض لقوت نفسه وعياله قد يدلّ أيضا إذ المراد بقاء ذلك وقت الرّجوع وإلّا فكيف يقوت نفسه بذلك البعض مع أنّه قد خرج إلى الحجّ.
__________________
ـ فيسلبهم إياه يعنى يسلب عيالهم ما يقوتون به لقد هلكوا يعنى عياله وهو أصوب واصح وأوضح.
وروى الحديث في المختلف الجزء الثاني ص ٦٨ وكنز العرفان ج ١ ص ٢٦٤ وقلائد الدرر ج ٢ ص ١٠ وترى الحديث في الوسائل الباب ٩ من أبواب وجوب الحج الحديث ١ ص ١٣٩ ج ٢ ط الأميري ونور الثقلين ج ١ ص ٣٠٩ الرقم ٢٨٣ والبرهان ج ١ ص ٣٠٢ الرقم ٥.
ثم ان ما نقله المصنف هو ذيل الحديث وانظر في البحث عن الحديث تعاليقنا على كنز العرفان ص ٢٦٤ وص ٢٦٥.