فنصب ذا الرأي على المدح ، وأمثاله في كلامهم كثير ، ويحتمل أن يكون الصابرين مجرورا بتقدير «وبرّ الصابرين» عطفا على من آمن ، كما أنّ الموفون عطف عليه أيضا إلّا أنّ المضاف حذف من الموفون ، وأعرب المضاف إليه بإعرابه ، وفي الثاني أقيم على حاله كما قالوه في قوله تعالى (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فيمن قرأ بجرّ الآخرة على إرادة عرض الآخرة.
(وَحِينَ الْبَأْسِ) : وقت مجاهدة العدوّ.
(أُولئِكَ) إشارة إلى الموصوفين بما تقدّم (الَّذِينَ صَدَقُوا) في الدين واتّباع الحقّ وطلب البرّ (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) عن الكفر وسائر الرذائل ، والمتّقون بفعل هذه الخصال نار جهنّم.
وممّا ذكرنا يظهر ما قيل : إنّ الآية لا دلالة فيها صريحة على وجوب الزكاة المفروضة بل ولا وجوب شيء من المذكورات نعم فيها حثّ وتحريص على فعل الأمور المذكورة ، ووجوبها يعلم من موضع آخر. ولعلّ ذكرنا لها هنا وإن كان الأحكام الّتي
__________________
ـ الرجال السيد العظيم المجرب للأمور. والهمام بضم إلها : الملك العظيم الهمة سمى به لأنه إذا هم بأمر فعله والليث الأسد وأصله الشدة والقوة والكتيبة كسفينة : الجيش من الكتب وهو الجمع.
والمزدحم بفتح الدال والحاء المهملتين معركة القتال سميت به لأنها موضع المزاحمة والمدافعة تغم بإعجام الغين اى تبهم وتلتبس والغم في الأصل ستر كل شيء ومنه الغمام لانه يستر ضوء الشمس ومنه الغم الذي يغم القلب اى يستره ويغشيه والصليل بفتح الصاد المهملة الصوت واللجم بضم اللام والجيم جمع اللجام وذات الصليل وذات اللجام معارك الحرب.
قال القزويني :
وقد يقال انما نصب على المدح لان النعت إذا كثر وطال يختلف إعرابه برفع بعض ونصب آخر وذلك لان هذا الموضع من مواضع الإطناب في الوصف فإذا خولف بإعراب الألفاظ كان أشد وأوقع فيما يعن ويعترض لصيرورة الكلام وكونه بذلك ضروبا وجملا وكونه في الاجراء على الأول وجها واحدا وجملة واحدة أه.