الأوّل لروايات صحيحة دلّت عليه ، وإليه ذهب بعض الأصحاب.
[(ذلِكَ) (١) خبر مبتدإ محذوف. أي الأمر أو الشأن ذلك ، وهو وأمثاله يذكر في الكلام ، للفصل بين الكلامين (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) جمع حرمة ، وهي ما لا يحلّ هتكه من جميع التكاليف حجّا وغيره ، ويحتمل اختصاصه بما يتعلّق بالحجّ.
وعن زيد بن أسلم (٢) الحرمات خمس البيت : الحرام ، والمسجد الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، والحرم. وفي الكشّاف معنى التعظيم العلم بأنّها واجب المراعاة والحفظ والقيام لمراعاتها ، وظاهره اختصاصه بالواجب ، ولا يبعد التعميم بحيث يشمل المستحبّات أيضا إن لم يختصّ بها كما هو ظاهر.
قوله (فَهُوَ) أي التعظيم (خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ثوابا (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) تحريمه ، وما مصدريّة والمراد به ما حرم لعارض كالميتة وما أهلّ به لغير الله ، وذلك قوله تعالى في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) الآية وعلى هذا فيختصّ المستثنى بما تضمّنه الآية ، ويحتمل الأعمّ منها أي إلّا ما بيّن لكم حرمته وإن كان بالسنّة ، فحافظوا على حدوده ، وإيّاكم أن تحرّموا ممّا أحلّ شيئا كتحريم عبدة الأوثان البحيرة والسائبة وغير ذلك وأن تحلّوا ممّا حرّم كاحلالهم أكل الموقوذة والميتة وغير ذلك.
(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) كما يجتنب الأنجاس لأنّ في عبادة الأوثان ولواحقها هتكا لجميع ما تقدّم من الحرمات حتّى بناء البيت المقرون بالنهي عن الشرك والأمر بطهارته ، فناسب تفريع الأمر باجتناب الأوثان عموما ، وعلى وجه أبلغ.
__________________
(١) شرع في تفسير الآية ٣٢ و ٣٣ من سورة الحج ، ومن هنا الى تمام البحث مما يوجد في بعض النسخ على نحو ما مر الإشارة إليه مرارا.
(٢) الكشاف عند تفسير الآية ج ٣ ص ١٥٤ ط دار الكتاب العربي وتفسير الإمام الرازي ج ٢٣ ص ٣١ ولفظ الكشاف : والمحرم حتى يحل مكان الحرم ولفظ الرازي والمشعر الحرام.