ويؤيّد ذلك قراءة (١) «وأقيموا الحجّ والعمرة لله» ومقتضى ذلك وجوبهما على المكلّف المستطيع ابتداء بحسب أصل الشّرع ، وعلى هذا علماؤنا أجمع وفي أخبارهم (٢) دلالة على ذلك أيضا ووافقهم على ذلك الشّافعيّ في الجديد (٣).
وقال الحنفيّة إنّ العمرة مسنونة غير واجبة وحاول صاحب الكشّاف (٤) نصرة قولهم بأنّ الأمر وإن كان للوجوب في أصله إلّا أنه مع دلالة الدّليل على خلافه يعدل عنه كما في قوله (فَاصْطادُوا) ـ (فَانْتَشِرُوا) ونحو ذلك ، والدّليل على نفي وجوب العمرة حاصل هنا وهو ما روي أنّه قيل : يا رسول الله العمرة واجبة مثل الحجّ؟ فقال لا ولكن أنّ تعتمر خير لك (٥) وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحجّ جهاد
__________________
(١) روى القراءة في الدر المنثور ج ١ ص ٢٠٨ عن ابى عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن الأنباري عن علقمة وإبراهيم قالا في قراءة ابن مسعود : وأقيموا الحج والعمرة الى البيت. لا يجاوز بالعمرة البيت ، الحج المناسك ، والعمرة البيت والصفا والمروة. وعن عبد بن حميد وابن جرير عن على عليهالسلام انه قرء وأقيموا الحج والعمرة للبيت ثم قال هي واجبة مثل الحج.
قلت وترى نقل الطبري قراءة «وأقيموا» عن على عليهالسلام وابن مسعود في ج ٢ ص ٢٠٦ و ٢٠٩ من تفسيره.
(٢) انظر الدر المنثور ج ١ من ص ٢٠٨ الى ٢١٢ والطبري ج ٢ من ص ٢٠٦ الى ٢١٢ وسنن البيهقي ج ٤ من ص ٣٤٩ الى ص ٣٥٢ وغيرها من كتبهم.
(٣) بل أخرج في الأم ج ٢ ص ١٣٣ أن في كتاب النبي لعمرو بن حزم ان العمرة هي الحج الأصغر ، قلت وتجده في كتابه بالرقم ٣٣ من مكاتيب الرسول وقد أشرنا الى هذا المكتوب ومصادره في ص ٨٤ من الجزء الأول من هذا الكتاب وأخبارهم بأن العمرة هي الحج الأكبر كثيرة.
(٤) انظر الكشاف تفسير الآية ج ١ ص ٢٣٨ ط دار الكتاب العربي.
(٥) أخرجه الترمذي والطبراني وضعفه الدارقطنى على ما في الشاف الكاف المطبوع ذيل الكشاف.