وهو ما لو كان في الحلّ لا في الحرم [ومنشأ الخلاف بينهم أنّ المحلّ في الآية اسم للزّمان الّذي حصل فيه الحلّ كما قاله الشافعي ، أو اسم للمكان كما قاله الحنفيّة] (١) ويرد عليه وعلى الشّافعيّ أنّ ذلك خلاف الظاهر من بلوغ الهدي محلّه ، بل موجب للإجمال بسبب هذه الزّيادة ، ويردّ قول الحنفيّة أيضا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذبح في الحديبية وهي من الحلّ على ما قالوه.
فان قيل إنّما أحصر في طرف الحديبية الّذي هو أسفل مكّة وهو من الحرم قال الواقدي : الحديبية على طرف الحرم على تسعة أميال من مكّة ، وأجيب بأنّ قوله تعالى (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) (٢) دالّ على أنّ الكفّار منعوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن إبلاغ الهدي محلّه الّذي كان يريده وهو ظاهر في أنّهم نحروا الهدي في غير الحرم.
ومقتضى الآية جواز الحلق بعد بلوغ الهدي محلّه ، سواء ذبح عنه أو لا وعلى هذا فلو ظهر خلاف المواعدة الواقعة بين أصحابه إمّا بأن لم يكن نائبه ذبح الهدي أصلا ، أو ذبحه بعد تحلّله ، فانّ الظاهر أنّه لا شيء عليه ، لأنّه مأمور بالإحلال مع حصول ظنّ البلوغ ، فلا يضرّ ظهور عدمه بعده وفي الأخبار دلالة عليه.
روى الكلينيّ في الصحيح عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته رجل أحصر فبعث بالهدي قال : يواعد أصحابه ميعادا ، إن كان في الحجّ فمحلّ الهدي يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه ولا يجب عليه الحلق حتّى يقضي المناسك وإن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة ، والساعة الّتي يعدهم فيها ، فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ الحديث (٣).
__________________
(١) ما بين العلامتين زيادة من سن.
(٢) الفتح : ٢٥.
(٣) الحديث المار قبيل ذلك بتمامه وفي تعبير المصنف عن الحديث بالصحيح اعتراف بصحة ما يرويه إبراهيم بن هاشم كما اخترناه وأشبعنا الكلام في حقه في مواضع من المجلد الأول من هذا الكتاب.