ما دلّ عليه الحديث الوجوب أمّا الركنيّة فلا (١) وردّ بأنّه إذا كان فرضا عليهم في الحجّ لم يكن التارك له آتيا بالواجب على وجهه ، فلا يخرج عن العهدة.
ولا يرد أنّه جار في صورة النّسيان ، لأنّ الإجماع هناك دلّ على حصول الامتثال فتأمّل.
(وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) أي فعل طاعة فرضا كانت أو نفلا ، أو المراد أنّه تطوّع بخير زائد على ما وجب عليه من حجّ أو عمرة أو طواف وغيره ، فلا ينافي ذلك وجوب السعي كما تقدّم.
وقد يستفاد من ذلك جواز السّعي زيادة على الواجب كما يجوز ذلك في الطواف وهو غير معهود بين أصحابنا ، نعم لو زاد في السّعي شوطا سهوا وذكر بعد إكمال الثامن فإنّه يستحبّ له إكمال ستّة أخرى ليحصل له سعيان ، ولا يشرع استحباب السعي إلّا هنا ، أمّا تكراره ابتداء كما في الطّواف فغير جائز عندهم ، لعدم تعبّد الشّارع بمثله ، فإثبات استحبابه تشريع. ولعلّ إطلاق الآية في ذلك محمولة على ما ورد التطوّع به من العبادات الّتي يستحبّ تكرارها غير السعي على ما علم من خارج.
(فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) فيجازيه على ما تطوّع به ، ولا يضيع سعيه ، وعبّر بلفظ الشاكر تلطّفا بعباده (٢) ومظاهرة في الإحسان والأنعام إليهم كما قال عزوجل : (مَنْ
__________________
ـ جميع متعبدات التي أشعرها الله اى جعلها اعلاما. انظر في ذلك اللسان (ش ع ر) فهو مطلوب جزما وهو معنى الوجوب وقد عرفت ان السر في التعبير بنفي الجناح تخطئة من ينكر كونه من الشعائر.
(١) وفي حاشية ملا محمد سراب على زبدة البيان التي أتحفنا الأستاذ مدرسى چهاردهى : الظاهر من وجوبه كونه من الاجزاء الواجبة للحج لا كونه واجبا خارجا عنه كوجوب الاجتناب عن الصيد فإذا كان من الاجزاء الواجبة له بقوله (ص) فالظاهر عدم تحقق الحج الذي طلبه الشارع بدونه وهو المقصود من الدلالة على الركنية انتهى.
(٢) وفي تفسير المنار ج ٢ ص ٤٦ هنا بيان يعجبنا نقله قال : والنكتة في اختيار هذا التعبير تعليمنا الأدب فقد علمنا سبحانه وتعالى أدبا من أكمل الآداب بما سمي إحسانه ـ