في العين (١) إنّما ذلك لو دلّت على أخذ الصدقة عن كلّ نصاب منه بخصوصه ، وليس فليس ويؤيده الإجماع على جواز أدائها من مال آخر ، وإخراج القيمة فيها ، سواء كان ما وجب فيه ذهبا أو فضّة أو إحدى الغلّات ، نعم اختلفوا في الحيوان فالشيخ والأكثر على جواز إخراج القيمة فيه ، ومنع الشيخ المفيد وجماعة من إخراج القيمة في الحيوان وهو بعيد فانّ المقصود من الزكاة نفع الفقراء ، وذلك متساو بالنسبة إلى العين والقيمة ، وهذا مرجّح للتعلّق في الذمة ، كاقاله بعض علمائنا ، وتمام تحقيقه يعلم من الفروع.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع دعاك لهم ويعلم ما يكون منهم في الصدقات.
قيل : إنّهم لمّا سألوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأخذ من مالهم ما يكون كفّارة لذنوبهم فامتنع النبيّ صلىاللهعليهوآله من ذلك ، حتّى يؤذن له فيه ، ثمّ أذن له كما سبق.
بيّن تعالى أنّه ليس إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله قبول توبتكم وأنّ ذلك إلى الله فقال (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) استفهام يراد به التنبيه على ما يجب أن يعلمه المخاطب فإنّه إذا رجع إلى نفسه وفكّر فيما نبّه عليه ، علم وجوبه ، وإنّما وجب أن يعلم أنّ الله يقبل التوبة ، لأنّه إذا علم ذلك ، كان سببا داعيا له إلى فعل التوبة ، والتمسّك بها والمسارعة إليها وما هذه صفته (٢) يجب العلم به ، ليحصل به الفوز بالثواب ، والخلاص من العقاب.
(وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) أي يتقبّلها ويضمن الجزاء عليها ، قال الجبائيّ جعل الله أخذ النبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنين الصدقات أخذا من الله على وجه التشبيه والمجاز ، من حيث كان يأمره ، وقد ورد عنه عليهالسلام أنّ الصدقة تقع في يد الله قبل أن تصل إلى يد السائل (٣) والمراد بذلك أنّها تنزّل هذا التنزيل ترغيبا للعباد في فعلها ، وذلك يرجع إلى تضمّن الجزاء عليها.
__________________
(١) وجه عدم الظهور أنه لو كان عنده نصاب الذهب فقط وأخذ الزكاة من الفضة التي لا تجب عليه فيها الزكاة يصدق عليه أنه أخذ الصدقة من أموالهم فأين الظهور؟. منه ـ ره.
(٢) صورته خ.
(٣) انظر الفقيه ج ٢ ص ٣٧ الرقم ١٥٦ والكافي ج ١ ص ١٦٢ والتهذيب ج ٤ ص ١١٢ الرقم ٢٣١ وغيره من الاخبار.