الردىّ والمعيب ، فكذلك إذا تسامح كأنّه لا يرى رداءته.
وفي مجمع البيان (١) أنّ هذا يقوّي كون المراد الرديّ لأنّ الاعماض لا يكون إلّا في الشيء الرديّ دون ما هو حرام (٢) ، ويؤيده أيضا ما قيل إنّها نزلت في قوم كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشراره ، فنهوا عنه وقريب منه [ما] روى أبو بصير (٣) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أمر بالنخل أن يزكّى يجيء قوم بألوان التمر وهو من أردئ التمر يؤدّونه من زكوتهم يقال الجعرور والمعافارة ، قليلة اللّحم عظيم النوى إلى أن قال ، وفي ذلك نزل (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) الآية.
وفي رواية أخرى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) كان القوم قد كسبوا مكاسب في الجاهليّة ، فلمّا أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدّقوا بها فأبى الله عزوجل إلّا أن يخرجوا من طيّب ما كسبوا وهو يعطى كون المراد بالخبيث الحرام.
وقد اختلف في المراد بالإنفاق هنا ، فقيل : هو أمر بالنفقة في الزكاة الواجبة (٤) وقيل هو في الصدقة المتطوّع بها ، لأنّ المفروض من الصدقة له مقدار من القيمة إن قصر كان دينا عليه إلى أن يؤدّيه بتمامه ، وإذا كان ماله المزكّى كلّه رديئا فجائز له أن يعطى منه فلا يتمّ الأمر بإنفاق الطيّب على الإطلاق.
وقيل : إنّ المراد به الإنفاق في سبيل الخير وأعمال البرّ على العموم ، فيدخل
__________________
(١) انظر المجمع ج ١ ص ٣٨١.
(٢) زاد في سن : فإنه لا يجوز أخذه لا بإغماض ولا بغيره ، والآية تدل على أن هذا الخبيث يجوز أخذه بالإغماض.
(٣) انظر روايتي أبي بصير في الكافي باب النوادر من كتاب الزكاة الحديث ٩ و ١٠ ج ١ ص ١٧٥ وفي المرآة ج ٣ ص ٢٠٨ والأول أيضا في العياشي ج ١ ص ١٤٨ الرقم ٤٨٩ والبحار ج ٢٠ ص ١٣ وانظر البرهان ج ١ ص ٢٥٤.
(٤) زاد في سن : لأن الأمر للوجوب والإنفاق الواجب لا يكون إلا في الزكاة.