قلت قد عرفت في تقرير الآية ما يدفع جوابه ، ومنه يلزم اندفاع ما ذكره في جواب الحديثين. على أنّ كون الأولى متروكة الظاهر غير مسلّم لما عرفت من ذهاب جماعة من الأصحاب إلى العمل بمضمونها ، وأنّ مذبوح المحرم حلال على المحلّ فيسوغ التصدّق به.
وقد اعترف هو في المختلف ببعد ما ذكره من التأويل في الآية لعدم سبقه إلى الفهم ، ثمّ قال وليس بعيدا من الصّواب ما ذهب إليه الشيخ أعنى عدم التكرّر لدلالة الحديث عليه وقد عرفت أنّ الخبر الواحد يخصّ عموم القرآن لكنّ الأوّل أظهر بين العلماء انتهى.
وفيه أنّه لا تخصيص على ما قلناه لكون الخطاب مع من لم يصدر منه القتل بعد بقرينة المقابلة بالعود ، وهو دليل على أنّ المراد حكم القاتل ابتداء فقط ، وبقوله (مَنْ عادَ) حكم العود ، فلا عموم ليحتاج إلى التّخصيص.
مع أنّ في حكمه بأظهريّة الأوّل أي وجوب التكرّر بين العلماء نظرا ، فإنّه إن أراد أظهريّته بين علماء العامّة فلا عبرة بهم عندنا ، وإن أراد علماء الخاصّة ، فهو غير واضح ، كيف والمعهود بين أصحابنا عدم الفدية في التكرّر عمدا ، وهو قول أكثر القدماء كالكلينيّ على ما يظهر منه ، والصّدوق وغيرهما وعليه أكثر المتأخّرين أيضا فالأظهرية على العكس.
وقد يستدلّ على التكرّر بظاهر صحيحة معاوية بن عمّار (١) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام في محرم أصاب صيدا قال عليه الكفّارة قلت فان هو عاد؟ قال : عليه كلّما عاد كفّارة ، ونحوها حسنته (٢) عنه عليهالسلام وترك الاستفصال قرينة العموم ، والجواب
__________________
(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٢ الرقم ١٢٩٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٠ الرقم ٧١٩ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٤١٨ والوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣ ج ٢ ص ٢٨٢ ط الأميري.
(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٢ الرقم ١٢٩٥ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٠ الرقم ٧١٨ والكافي ج ١ ص ٢٧٣ باب المحرم يصيب الصيد مرارا الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ـ