الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١).
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا) يريد البلد وهو مكّة (بَلَداً آمِناً) أي ذا أمن كقوله (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٢) أو آمنا أهله كقولك «ليل نائم» قيل والمراد به أنّه إذا دخل إليه المجرم في غيره لجناية لم يجز لأحد التعرّض له كما مرّ ، ولا يصاد طيره ولا يقطع شجره ، ولا يختلى خلاه ، ويؤيّده ما روى عن الصّادق عليهالسلام «من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله ، ومن دخله من الوحش والطّير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتّى يخرج من الحرم (٣) وعلى هذا فيمكن الاستدلال بها على هذه الأحكام.
ويلزم منه تحريم الصّيد على المحلّ إن كان في الحرم كما هو ثابت بالإجماع بمعنى أنّه لا يجوز اصطياده فيه ، أمّا لو صيد في الحلّ وذبح هناك وأدخل الحرم مذبوحا جاز للمحلّ أكله في الحرم ، وقد تظافرت الاخبار بذلك (٤) ، ولو أدخله حيّا وجب إرساله لدخوله الأمن وذلك ثابت بإجماعنا أيضا وبذلك تظافرت الأخبار (٥) أيضا.
ووجه الدّلالة أنّه تعالى حقّق دعوته في ذلك وحرّم مكّة بدعائه عليهالسلام وقبله كانت كسائر البلاد ، وقد روي (٦) عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال «إنّ إبراهيم حرّم مكّة
__________________
(١) البقرة : ١٢٦ و ١٢٧.
(٢) الحاقة : ٢١.
(٣) قد مر في ص ١٠٤ من هذا الجزء بمصادره.
(٤) انظر الوسائل الباب ٥ من أبواب تروك الإحرام ج ٢ ص ٢٥٤ ط الأميري.
(٥) تراها في خلال أبواب تروك الإحرام وأبواب كفارات الصيد.
(٦) انظر الحديث بطرقه المختلفة وألفاظه المتفاوتة في سنن البيهقي ج ٥ ص ١٩٧ وص ١٩٨ والمنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٥ ص ٣٢ وص ٣٣ وصحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ من ص ١٣٤ الى ص ١٥١ والبخاري بشرح فتح الباري ج ٦ ص ٤٢٤ وص ٤٢٧ ـ