وقبحها كذلك ، لكنّه قد يظهر للمكلّف وقد يكون خفيّا ، والشرع إنّما يكشف عن ذلك ، لا أنّه يثبته كما يعلم تفصيله من محلّه.
الثانية : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (١).
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) جاهدوا لإعلاء كلمته وإعزاز دينه (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) أي الكفّار مطلقا فإنّهم بصدد قتال المسلمين ، وعلى قصده ، لاستحلالهم المقاتلة لهم فهم في حكم المقاتلين ، قاتلوا أو لم يقاتلوا.
أو أهل مكّة الّذين حاربوا المسلمين من قبل ، لما قيل إنّ سبب النزول صلح الحديبيّة ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا خرج هو وأصحابه في العام الّذي أرادوا فيه العمرة ، فصدّهم المشركون عن البيت الحرام ، فنحروا الهدي بالحديبيّة وأحلّوا ثمّ صالحهم المشركون على أن يرجع من عامه ويعود في العام القابل ، فيخلو له مكّة ثلاثة أيّام فرجع لعمرة القضاء وخاف المسلمون أن لا يفي لهم المشركون ويقاتلوهم في الحرم والشّهر الحرام ، وكرهوا ذلك ، فنزلت.
أو معناه الّذين يناصبونكم القتال ويتوقّع منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ والصّبيان والرّهبانية والنّساء ، فإنّهم لا يجوز قتالهم.
(وَلا تَعْتَدُوا) بابتداء القتال وقد كان ذلك في أوّل الأمر لقلّة المسلمين ، ولكون الصّلاح في استعمال الرفق واللّين ، فلمّا قوي الإسلام وكثر الجمع وأقام من أقام منهم على الشّرك بعد ظهور المعجزات ، حصل اليأس من إسلامهم ، فأمروا بالقتال على الإطلاق أو مفاجاته قبل الدّعاء إلى الإسلام بإظهار الشّهادتين والتزام أحكام المسلمين.
أو بقتال من نهيتم عن قتله كالنّساء والصّبيان ، أو بقتال المعاهد ونحوه ، والأحكام إجماعيّة واستفادتها من الآية بعيدة بل من خارج.
__________________
(١) البقرة : ١٩٠.