وفيه بعد ، لأنّ حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجرورا مع كون المقدّر المعطوف عليه قليل بل غير معلوم الوقوع وما ذكره من التمثيل غير مطابق ، ورجّح في الكشاف عطفه على سبيل الله وأنكره القاضي نظرا إلى أنّ قوله (وَكُفْرٌ بِهِ) عطف على قوله (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وهو مانع من العطف إذ لا يقدّم العطف على الموصول على العطف على الصّلة وحاصله أنّه يلزم الفصل بين صلة المصدر وبين المصدر بالأجنبيّ الّذي هو قوله (وَكُفْرٌ بِهِ).
وقد يجاب بأنّ الصدّ عن سبيل الله والكفر به كالشيء الواحد في المعنى فكأنّه لا فصل وبأنّ التقديم لفرط العناية مثل (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وكان حقّ الكلام ولم يكن أحد كفواً له.
(وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) أهل المسجد وهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنون وإنّما جعلهم أهلا له إذ كانوا هم القائمين بحقوق المسجد كقوله تعالى (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) (١).
(أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) ممّا فعلته السريّة خطأ وبناء على الظنّ ، وهو خبر عن الأشياء الأربعة المعدودة من كبائر قريش ، و «أفعل من» يستوي فيه الواحد والجمع والمذكّر والمؤنّث.
(وَالْفِتْنَةُ) وهي ما يرتكبه المشركون من الشّرك بالله ، فإنّه فتنة في الدّين (أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) لأنّ الفتنة تفضي إلى القتل في الدّنيا وإلى استحقاق العذاب الدائم في الآخرة فيصحّ أنّ الفتنة أكبر من القتل فضلا عن ذلك القتل الّذي صدر من المسلمين للحضرميّ في الشّهر الحرام.
[وقيل إنّ المراد بالفتنة ما كانوا يفتنون المسلمين عن دينهم تارة بإلقاء الشّبهات وتارة بالتعذيب ، ويرجّح هذا بأنّ حمل الفتنة على الكفر توجب التّكرار لقوله (وَكُفْرٌ بِهِ) فتأمّل] (٢).
__________________
(١) الفتح : ٢٦.
(٢) زيادة من : سن.