كذا وكذا ، والزنا كذا وكذا ، وأنّ الصّلوة تكفّر ذنب كذا وكذا ، والحجّ كذا وكذا ، إلى غير ذلك ، ومقتضى ذلك أنّهما صحيحان واقعان ، ولا شكّ أن ليس المراد من إحباط العمل هو إبطال نفس العمل ، لأنّ العمل شيء كما وجد فني وزال ، وإعدام المعدوم محال.
وقال المثبتون للإحباط والتكفير : المعنى أنّ عقاب الردّة الحادثة تزيل ثواب الإيمان السابق إمّا بشرط الموازنة كما هو مذهب جماعة ، أولا بشرطها كما هو مذهب آخرين ، وكذا غير الردّة من المعاصي ، فإنّها تبطل ما تقدّمها من الطّاعة على أحد الوجهين ولكنّ الأصحاب أجمعوا على بطلان الإحباط والتكفير بهذا المعنى.
وقد استدلّ المحقّق الطوسيّ في التّجريد على بطلانه بدليل عقليّ ونقليّ أمّا النّقليّ فبقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) والإيفاء بوعده واجب ، وظاهر أنّ الإحباط ينافيه ، وأمّا العقليّ فلأنّ الإحباط يستلزم الظلم ، فانّ من أطاع وأساء حال كونهما متساويين بمنزلة من لم يفعلهما ولو زاد أحدهما كان بمنزلة من لم يفعل الآخر ، وهو ظلم مستحيل صدوره عنه تعالى وعلى هذا فلا بدّ من التّأويل في الآية والأخبار الواردة بهما.
ويظهر من الطّبرسيّ أنّ الإحباط الباطل الّذي لا يجوز هو أن يستحقّ المكلّف الثواب على عمل من الأعمال الصّالحة ثمّ يسقط ذلك الاستحقاق بمعصية ، والّذي وقع في الآيات والأخبار يراد به عدم وقوعه على الوجه المعتبر من الشارع الّذي يستحقّ بفعله الثواب.
قال في مجمع البيان (٢) عند قوله (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) (٣) معناه أنّها صارت بمنزلة ما لم يكن لإيقاعهم إيّاها على خلاف الوجه الّذي يستحقّ عليه الثواب ، وليس المراد أنّهم استحقّوا على أعمالهم الثواب ثمّ انحبط
__________________
(١) الزلزال : ٧ و ٨.
(٢) المجمع ج ١ ص ٣١٣.
(٣) البقرة : ٢١٧.