وفي الآية دلالة على وجوب قتال الفئة الباغية وهي عندنا الطائفة الخارجة عن طاعة الإمام المعصوم لشبهة عرضت لهم ، والأكثر من أصحابنا على أنّهم كفّار يجب قتالهم بمقتضى الأمر كما يجب قتال المشركين.
وما قيل إنّ الآية دالّة على أنّ الطائفة الباغية مؤمنة فضعيف ، إذ الآية لا تدلّ على أنّها بعد البغي على الايمان ، ويطلق عليها هذا الاسم حقيقة ، بل التسمية على المجاز بناء على الظاهر أو بناء على ما كانوا عليه ، وهل ذلك إلا مثل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) (١) والمرتدّ ليس بمؤمن اتّفاقا ، ونحو ذلك أن يقول «إن طائفة من المؤمنين ارتدّت عن الإسلام فاقتلوها» وهي بعد الارتداد كافرة قطعا.
أو تكون التسمية بناء على ما يعتقدونه كما في قوله تعالى (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) الآية (٢) وهذه صفة المنافقين إجماعا.
ولكن يفرّق بينهم وبين الكفّار في أنّهم لا يغنم أموالهم بعد تقضّي الحرب ولا تسبى نساؤهم وذراريهم بالإجماع ، ولو تركوا الحرب تركوا ، ولو انهزموا لم يتبعوا ، بل يقتصر على تفريقهم ، واختلال جمعهم ، نعم لو كان لهم فئة يرجعون إليها اتّبع مدبرهم وأجهز جريحهم ، وقتل أسيرهم بإجماع أصحابنا ، وقد روي الكلينيّ بسنده (٣) عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن طائفتين من
__________________
(١) البقرة : ٢١٧.
(٢) الأنفال : ٦.
(٣) الكافي ج ١ ص ٣٣٦ الباب ١٠ من أبواب وجوه الجهاد الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٧٣ ورواه في التهذيب ج ٦ ص ١٤٤ بالرقم ٢٤٦ واللفظ في التهذيب «ولا يجيزوا على جريح» مكان «ولا يجهزوا على جريح» قال في الوافي الجزء التاسع ص ١٨ بعد نقله الحديث :
بيان : الإجازة على الجريح إثبات قتله والإسراع فيه والإتمام كالاجهاز. ـ