وفي أخبارنا دلالة عليه أيضا.
روى الشيخ (١) عن أبي البختريّ عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام قال : قال عليّ عليهالسلام القتال قتالان قتال لأهل الشرك لا ينفر عنهم حتّى يسلموا أو يؤدّوا الجزية وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتّى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلوا ، ومقتضى الأمر بالقتال أنّه لا إثم على القاتل ، ولا ضمان مال ولا كفّارة ، لأنّه امتثل الأمر وقتل مباح الدّم ولأنّهم إذا لم يضمنوا الأنفس فالأموال أولى بعدم الضّمان.
(فَإِنْ فاءَتْ) رجعت ، وتابت وأقلعت وأنابت إلى طاعة الله (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) يعنى بينها وبين الطّائفة الّتي على الحقّ ولم تخرج عنه (بِالْعَدْلِ) أي لا تميلوا على واحد منهما (وَأَقْسِطُوا) أي اعدلوا في كلّ الأمور (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي العادلين يقال أقسط إذا عدل ، وقسط إذا جار ، قال تعالى (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (٢).
واستدلّ بعض العامّة بها على أنّ الصّلح إذا وقع بينهم فلا تبعة على أهل البغي في نفس ولا مال لأنّه ذكر الصّلح آخرا كما ذكره أولا ، ولم يذكر تبعة ، فلو كانت واجبة لذكرها ، وهو بعيد لأنّ قوله تعالى (وَأَقْسِطُوا) دالّ على التبعة ، فإنّ القسط هو العدل ، وإنّما يتمّ العدل بإعادة ما أخذوه من مال أو عوض عن نفس.
سلّمنا أنّ الآية لا تدلّ عليه وحينئذ فلا مانع من الدّلالة عليه بأمر خارج عنها ، وقد انعقد إجماعنا على تضمين أهل البغي ما أتلفوه على أهل العدل من نفس أو مال ، ويدلّ عليه ظاهر قوله تعالى (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) (٣) ونحوها.
__________________
(١) التهذيب ج ٦ ص ١٤٤ الرقم ٢٤٧ وهو في الوافي الجزء التاسع ص ١١ والوسائل الباب ٢٦ من أبواب وجوب الجهاد الحديث ١١ ج ٢ ص ٤٢٧ ط الأميري.
(٢) الجن : ١٥.
(٣) أسرى : ٣٣.