وقد يؤيّد الوجوب كفاية ما رواه (١) الكلينيّ بإسناده عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول ـ وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا؟ ـ فقال لا فقيل له : ولم؟ قال إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعفة الّذين لا يهتدون سبيلا الحديث.
[وفيه أنّ الكلام في الحديث كالكلام في الآية من جهة عدم دلالتها على موضع النزاع على ما عرفت] (٢).
أمّا القول بوجوبه في العقل وأنّ السّمع مؤكّد له كما ذهب إليه جمع من العلماء فغير واضح ، إذ ليس في العقل ما يدلّ على الوجوب مطلقا ، نعم يمكن إذا كان على سبيل دفع الضرر. وعلى كلّ حال ، فإنّما يجب الأمر بالواجب والنهي عن الحرام أمّا المندوب فيستحبّ الأمر به ، وكذا المكروه يستحبّ النّهى عنه ، وعلى هذا فيمكن تخصيص المعروف بالواجب والمنكر بالحرام ، ويحتمل أيضا أن يراد من المعروف ما يعمّ الواجب والمندوب ، ويراد من الأمر المتعلّق به الرجحان المطلق الشامل لهما وبالمنكر خلاف الطّاعة وهو ما يعمّ الحرام والمكروه ، ومن النهي ما يعمّهما أيضا ويكون الوجوب المستفاد من قوله (وَلْتَكُنْ) ومن حصر الفلاح في الآمرين والناهين باعتبار بعض الافراد.
وعلى كلّ حال فلينظر الدّاعي إلى الخير في حال كلّ مكلّف ، فيدعوه إلى ما يليق به متدرّجا من الأسهل إلى الأصعب في الأمر والإنكار كلّ ذلك إيمانا واحتسابا لا سمعة ورياء ، ولا لغرض من الأغراض النّفسانيّة والجسمانيّة ، فإنّ هذه الدّعوة منصب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام من بعده.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٣٤٤ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث ١٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٧٩ ورواه في التهذيب ج ٦ ص ١٧٧ بالرقم ٣٦٠ وهو في الوافي الجزء التاسع ص ٣٠ والوسائل الباب ٢ من أبواب الأمر بالمعروف الحديث ١ ج ٢ ص ٤٨٩ وللحديث تتمة.
(٢) زيادة من سن.